فِي بقَاءِ هذَا الفَضَاءِ خَالِيًا عَنِ الأَجْسَامِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مُمْتَنَعٌ. انْتَهَى.
هذَا كلاَمُ أَهْلِ العِلْمِ الطَّبِيعِيِّ، وأَمَّا بِالنِّسَبَةِ لِلْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ فَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: المكَانُ مَا اسْتُقِرَّ فِيهِ، أَو تُصُرِّفَ عَلَيْهِ؛ لأَنَّ التُّصَرُّفَ هو الأَخْذُ فِي جِهَاتٍ مختلفةٍ كَتَصَرُّفِ الرِّيَاحِ؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ: المكَانُ مَا وُجِدَ فِيهِ سُكُونٌ أَوْ حركةٌ.
قَالُوا: وَالسُّكُونُ هو الحُصُولُ فِي حَيْزٍ أَكْثَرَ مِنْ زمَانٍ وَاحدٍ.
وَالحركةُ انتقَالٌ مِنْ حَيِّزٍ إِلَى حَيِّزٍ، ووَزْنُهُ (فَعَال) مِنَ التُّمَكُّنِ؛ فَالمِيمُ فِيهِ أَصليةٌ كَالسينِ فِي سَحَابٍ.
وأَنْكَرَ علَى الْجَوْهَرِيِّ قَوْلَهُ: إِنَّهُ (مَفْعَل) مِنَ الكونِ، كَالْمَقَالِ مِنَ الْمَقُولِ؛ لأَنَّهُمْ قَالُوا فِي جَمْعِهِ: أَمْكُنٌ وأَمْكِنَةٌ وأَمَاكِنٌ، وأَفْعُل وأَفْعِلَة وأَفَاعِلَ، إِنَّمَا هِيَ لِجَمْعِ مَا الفَاءُ أَوَّلُهُ؛ ولأَنَّهُمْ قَالُوا: (تَمَكَّنَ، ولَوْ كَانَ مِنَ الكَوْنِ لَقَالُوا: تَكُونُ كَتَقُولُ مِنَ القَوْلِ) فَأَمَّا تَمَسْكَنَ وتَمَدْرَعَ فَقَلِيلٌ.
ص: وَالخَلاَءُ جَائزٌ، وَالمُرَادُ مِنْهُ كَوْنُ/ (٢٥٤/أَ/م) الْجِسْمَيْنِ لاَ يَتَمَاسَّانِ ولاَ بَيْنَهُمَا مَا يُمَاسُّهُمَا.
ش: إِنَّمَا ذَكَرَ المُصَنِّفُ الخَلاَءَ بَعْدِ ذِكْرِ المكَانِ لِقَوْلِ بعضِهم: إِنَّ الْمَكَانَ هو الخَلاَءُ كَمَا تَقَدَّمَ، وعَرَّفَهُ بِحُصُولِ جِسْمَيْنِ لاَ يَتَلاَقَيَانِ، ولاَ يَتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا مَا لاَ يلاَقِيهِمَا، وَهَلْ هو وُجُودِيٌّ أَوْ عَدَمِيٌّ؟ فِيهِ خِلافٌ تَقَدَّمَ، وَالأَكثرونَ علَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَاخلُ العَالَمِ وخَارجُهَ خلاَءً، وَبِهِ قَالَ قدمَاءُ الفلاَسفةِ، وأَنْكَرَ مُتَأَخِّرُوهُمْ وُجُودَهُ.
ص: وَالزَّمَانُ، قِيلَ: جَوْهَرٌ لَيْسَ بِجِسْمٍ ولاَ جِسْمَانِيٍّ، وَقِيلَ: فَلَكُ مَعْدِلِ (٢٠٢/ب/د) النّهَارِ، وَقِيلَ: عَرَضٌ فَقِيلَ: حركةُ مَعْدِلِ النِّهَارِ، وَقِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute