مَسْحُ الرَّأْسِ رُكْنٌ فَلاَ يَتَقَيَّدُ بِالرُّبْعِ كَالوجِهِ.
ثَانِيهُمَا: أَنْ يَكُونَ بِالالتزَامِ، كَقولِ الحَنَفِيِّ فِي بَيْعِ الغَائِبِ: عَقْدُ مُعَاوضَةٍ فَيَصِحُّ بِدُونِ رؤيةِ المَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالنكَاحِ، فَإِنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ رؤيةُ المنكوحةِ، فَنَقُولُ: عَقْدُ مُعَاوضةٍ فَلاَ يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَالنكَاحِ، فَنَفَيْنَا ثُبُوتَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فِيهِ، ويَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ صِحَّتِهِ؛ لأَنَّهُ لاَزِمٌ له، إِذْ كُلُّ مَنْ قَالَ بِصِحَّتِهِ قَالَ بِثُبُوتِ الخِيَارِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ.
ص: ومنه خِلاَفًا للقَاضِي: قَلْبُ المُسَاوَاةِ مِثْلُ طهَارةٍ بِالمَائِعِ فَلاَ تَجِبُ فِيهَا النِّيَّةُ كَالنجَاسةِ فَنَقُولُ: فَيَسْتَوِي جَامُدُهَا ومَائِعُهَا كَالنجَاسةِ.
ش: مِنْ هذَا القِسْمِ الأَخيرِ ـ وهو مَا يُرَادُ بِهِ إِبطَالُ مَذْهَبِ المُسْتَدِلِّ ضِمْنًا ـ نَوْعٌ يُسَمَّى قَلْبُ المُسَاوَاةِ، وهو أَنْ/ (١٥١/أَ/د) يَكُونَ فِي الأَصْلِ حُكْمَانِ وأَحَدُهُمَا:/ (١٨٥/ب/م) مُنْتَفٍ عَنِ الفَرْعِ اتفَاقًا وَالآخَرُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فِيثْبِتُ مُسْتَدِلُّ المُخْتَلَفِ فِيهِ إِلحَاقًا بَالأَصْلِ، فَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الحُكْمَيْنِ فِي الفَرْعِ كَمَا أَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الأَصْلِ، كَقَوْلِ الحَنَفِيَّةِ فِي نِيَّةِ الوضوءِ: طَهَارةٌ بِالمَاءِ فَلا يَجِبُ فِيهَا النِّيَّةُ كَإِزَالةِ النَّجَاسةِ، فَنَقُولُ: فَيَسْتَوِي جَامُدُهَا ومَائِعُهَا كَالنَّجَاسةِ، وهُمْ يُوجِبِونَ النِّيَّةَ فِي الطَّهَارةِ بِالجَامدِ وهو التَّيَمُّمُ.
وَالأَكثرون علَى قبولِه مِنْهُم الأَستَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وإِمَامُ الحَرَمَيْنِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وذَهَبَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ وطَائفةٌ إِلَى رَدِّهِ؛ لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ التَّصْرِيحُ فِيهِ بِحُكْمِ العِلَّةِ؛ فإِنَّ الحَاصِلَ فِي الأَصْلِ نَفْيٌ، وفِي الفَرْعِ إِثبَاتٌ.
وأَجَابَ الأَكثرونَ بِأَنَّهُ لاَ يَضُرُّ اخْتِلاَفُ حُكْمِهِمَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يُنَافِي أَصْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute