للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فيقول: قد كنتم تُدعَون إلى السجود وأنتم سالِمون.

ثم يأمرُ اللهُ بالصِّراط فيُضرَبُ على جهنَّم، فيمرُّ الناس بقدر أعمالهم زُمَرًا، أوائلهم كلَمْح البَرْق، ثم كمَرِّ الرِّيح، ثم كمَرِّ الطَّير، ثم كمَرِّ البهائم، ثم يمرُّ الرجل سعيًا، ثم يمرُّ الرجل مشيًا، حتى يجئَ آخرهم رجلٌ يَتلبَّطُ على بطنه، فيقول: يا ربِّ، لِمَ بطَّأتَ بي؟! قال: إني لم أُبطِئْ بك، إنما أبطأَ بك عملُك.

ثم يَأْذَنُ الله في الشَّفاعة، فيكونُ أولَ شافع رُوحُ القُدُس جبريلُ، ثم إبراهيمُ، ثم موسى، ثم عيسى، ثم يقومُ نبيُّكم فلا يَشْفَعُ أحدٌ فيما يَشفَعُ فيه، وهو المَقامُ المحمودُ الذي ذكره الله تعالى ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء:٧٩]، فليس من نفس إلَّا وهي تنظرُ إلى بيتٍ في الجنة وبيتٍ في النار، قال: وهو يومُ الحَسْرة، فيرى أهلُ النار البيتَ الذي في الجنة - قال سفيان: أَوّاهٍ لو عَلِمْتُم يومَ يرى أهلُ الجنة الذي في النار فيقولون: لولا أنْ مَنَّ اللهُ علينا- ثم تَشفعُ الملائكةُ والنبيُّون والشهداءُ والصالحون، والمؤمنون، فيُشفِّعُهم الله، ثم يقول: أنا أرحمُ الراحمين، فيُخرِجُ من النار أكثرَ مما أَخرج جميعُ الخلق برحمتِهِ، حتى لا يتركَ أحدًا فيه خيرٌ - ثم قرأ عبد الله: يا أيُّها الكفّارُ ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ [المدثر:٤٢]، وقال بيدِه فعَقَده، فقالوا: ﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾، هل تَرَونَ في هؤلاء من خيرٍ؟! وما يُترَك فيها أحدٌ فيه خيرٌ - فإذا أراد الله أن لا يُخرِجَ أحدًا غيَّرَ وجوهَهم وألوانَهم، فيجئُ الرجلُ فيَشفعُ فيقول: مَن عَرَفَ أحدًا فليُخرجه، فيجئُ فلا يعرفُ أحدًا، فيناديه رجل فيقول: أنا فلان، فيقول: ما أعرفُك، فعند ذلك قالوا: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (١٠٧) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٧ - ١٠٨]، فإذا قال ذلك، انطبَقَت عليهم، فلم يَخْرُجْ منهم بشرٌ (١).


(١) إسناده ليِّن لتفرُّد أبي الزعراء به. وهو مكرر ما سلف برقم (٨٧٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>