للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بُعِثْنا إلى طريقِه هذا، فقال لهم الراهبُ: هل خَلَّفتُم خَلْفَكم أحدًا هو خيرٌ منكم؟ قالوا: لا، قالوا: إنما أُخبرنا خَبَرَه، بُعِثنا لطريقك هذا، قال: أفرأيتُم أمرًا أراده اللهُ أن يَقضِيَه، هل يستطيعُ أحدٌ من الناس ردَّه؟ قالوا: لا، قال: فبايِعُوه، فبايَعُوه وأقامُوا معه، قال: فأتاهم الراهبُ، فقال: أنشُدُكُمُ الله أَيكُم وَليُّه، قالوا: أبو طالب، فلم يَزَلْ يُناشِدُه حتى ردَّه وبعثَ معه أبو بكر بلالًا، وزَوّدَه الراهبُ من الكَعْك والزيتِ (١).


(١) خبر منكر جدًّا، قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" ١/ ٥٠٣: حديث منكر جدًّا، وأين كان أبو بكر؟! كان ابنَ عشر سنين، فإنه أصغر من رسول الله بسنتين ونصف، وأين كان بلال في هذا الوقت؟! فإنَّ أبا بكر لم يشتره إلا بعد المبعث ولم يكُن وُلد بعدُ، وأيضًا فإذا كان عليه غمامة تُظِلُّه كيف يُتصوَّر أن يميل فيءُ الشجرة؟! لأنَّ ظل الغمامة يُعدِم فيء الشجرة التي نزل تحتها، ولم نر النبيّ ذكَّر أبا طالب قطُّ بقول الراهب، ولا تذاكرته قريش ولا حكَتْه أولئك الشيوخ، مع توفّر هممهم ودواعيهم على حكاية مثل ذلك، فلو وقع لاشتَهَرَ بينهم أيَّما اشتهارٍ، ولبقي عنده حِسٌّ من النبوة، ولما أَنكر مجيء الوحي إليه، أوّلًا بغار حراء وأتى خديجة خائفًا على عقله، ولما ذهب إلى شواهق الجبال ليرمي نفسه ، وأيضًا فلو أثَّر هذا الخوف في أبي طالب وردَّه كيف كانت تطيب نفسه أن يُمكِّنه من السفر إلى الشام تاجرًا لخديجة؟
قال: وفي الحديث ألفاظ منكرة تشبه ألفاظ الطُّرقية، مع أنَّ ابن عائذ روى معناه في "مغازيه" دون قوله: وبعث معه أبو بكر بلالًا .. إلى آخره، فقال: حدثنا الوليد بن يسلم، قال: أخبرني أبو داود سليمان بن موسى، فذكره بمعناه.
ثم أورده الذهبي عن جماعة من أهل المغازي والسير بألفاظ مغايرة لهذا اللفظ الذي هنا.
وذكر أنَّ الذي تفرد به بهذا اللفظ هو قُرادٌ أبو نوح - واسمه عبد الرحمن بن غزوان - وذكر في ترجمته في "السير" ٩/ ٥١٨ أنَّ له ما ينكر، ومن ذلك حديث لا يُحتمل في قصة النبي وبَحيرا بالشام. يعني هذا الحديث.
وممن أنكر هذا الحديثَ على فُرادٍ أيضًا ابن سيد الناس في "عيون الأثر" ١/ ٥٥، وابنُ كثير في "البداية والنهاية" ٣/ ٤٤٠، وابن حجر في "الإصابة" ١/ ٣٥٣، وأعلُّوه ببعض ما أعله به الذهبي من وجوه النكارة في بعض ألفاظه.
وورى ابن عساكر في "تاريخه" ٣/ ٥ عن العباس بن محمد الدُّوري أنه سمعه من قرادٍ أحمدُ بن حنبل ويحيى بن مَعِين، وأنهما قالا: سمعناه من قُرادٍ لأنه من الغرائب والأفراد. قلنا: يعني أنهما =

<<  <  ج: ص:  >  >>