للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به المعنى اللغوي للشذوذ، وهو: التفرّد والانفراد، يدل على ذلك الأحاديث التي وصفها بالشذوذ في كتبه. (١)

أما بالنسبة لمخالفة الراوي لغيره من الثقات، فإنه وإن لم يُسمّه شذوذاً، فإنه قد صرّح بأن المخالفة من الراوي سبب لردّ حديثه، حيث قال في كتابه معرفة علوم الحديث في النوع الثامن عشر بيان معرفة الجرح والتعديل:

"وأصل عدالة المحدث أن يكون مسلماً لا يدعو إلى بدعة، ولا يعلن من أنواع المعاصي ما تسقط به عدالته، فإن كان مع ذلك حافظا لحديثه، فهي أرفع درجات المحدثين، وإن كان صاحب كتاب فلا ينبغي أن يحدث إلا من أصوله، وأقل ما يلزمه أن يحسن قراءة كتابه على ما ذكرته في أول هذا الكتاب من علامات الصدق على الأصول، وإن كان المحدث غريباً لا يقدر على إخراج أصوله فلا يكتب عنه إلا ما يحفظه إذا لم يخالف الثقات في حديثه، فإن حدث من حفظه بالمناكير التي لا يتابع عليها لم يؤخذ عنه" (٢)


(١) قال ابن حجر في النكت- مُعلّقاً على الحديث الثالث الذي ذكره الحاكم كمثال على الشذوذ-: "وهذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه من هذا الوجه، والحاكم موافق على صحته إلا أنه يسميه شاذاً، ولا مشاحة في التسمية"، وجمع الباحث بلعمري في كتابه (الحديث الشاذ)، ثلاثة عشر مثالاً للأحاديث التي أطلق عليه الحاكم وصف الشذوذ -من كتب الحاكم كالمستدرك والمعرفة والمدخل، وبعض الأمثلة نُقلت عنه- وخَلُص الباحث بعد دراسته للأمثلة إلى أن الحاكم حين أطلق وصف الشذوذ على بعض الأحاديث أراد بذلك غالباً: المعنى الاصطلاحي من إطلاق الشذوذ على التفرّد غير المحتمل من الراوي إما لضعف الراوي أو كونه ممن يُحتمل تفرّده لكنه يخالف فيما يرويه، بينما أطلق في بعض الأمثلة لفظ الشذوذ مقروناً بالصحة، وأراد به المعنى اللغوي للشذوذ أي: كونه حديثاً فرداً. ينظر المراجع: ابن حجر، النكت، ٢/ ٢٧٠ - ٦٧١، بلعمري، الحديث الشاذ، ١٩٠ - ٢٠٥ باختصار. ينظر كذلك: اللحياني، الحديث الشاذ عند المحدثين، ١٦ - ١٧.
(٢) الحاكم، علوم الحديث، ٥٣.

<<  <   >  >>