(٢) ورد لفظ الجلوس والقعود في بعض الآثار، كما ورد عن كثير من السلف، بخلاف ما ذكره المؤلف - رحمه الله - وأشهر ما يعتمد عليه في إثبات هذه المسألة أثر عن جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وآخر عن مجاهد، وتفصيل القول فيهما على النحو الآتي: أولاً - أثر جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه -: حيث روى سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة تلقاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما نظر جعفر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجل (قال سفيان: حجل: مشى على رجل واحدة إعظاماً منه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، فقبَّل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بين عينيه، وقال له: "أنت أشبه الناس بخلقي وخلقي، وخلقت من الطينة التي خلقت منها، حدثني بعض عجائب الحبشة"، قال: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله: بينما أنا سائر في بعض طرقاتها، فإذا بعجوز على رأسها مكتل، فأقبل شاب يركض على فرس له، فزاحمها فألقاها بوجهها، وألقى المكتل عن رأسها، فاسترجعت قائمة، وأتبعته النظر وهي تقول له: الويل لك إذا جلس الملك على كرسيه، فاقتص للمظلوم من الظالم، قال جابر: فنظرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن دموعه على لحيته كالجمان، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا قدس الله أمة لا يأخذ المظلوم حقه من الظالم غير مُتَعْتِع" الحديث). أخرجه عن جابر بمعناه: ابن ماجة في السنن في كتاب الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (٢/ ٣٨٣) رقم (٤٠٥٩) ولكن بلفظ: (سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله الكرسي .....). وأخرجه أبو يعلى في المسند (٤/ ٧ - ٨)، والخطيب في تاريخه (٧/ ٣٩٦) مختصراً من غير ذكر لفظ الجلوس، والذهبي في العلو بلفظ ابن ماجة في المختصر (ص ١٠٦). وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (٢/ ٢٩٧ - ٢٩٩) رقم (٨٦٠)، والدارمي =