لفضل المؤنث الحقيقي على غيره، لكن الذي يظهر لي أن التأنيث أحسن بدليل أكثريته في الكتاب العزيز وفشوه فيه جداً، وأكثرية أحد الاستعمالين دليل على أرجحيته، فينبغي المصير إلى القول بأن الإتيان بالسلامة في ذلك حسن وأفصح وتركها حسن فصيح اهـ (متفق عليه) أي من حيث المعنى، وإلا فهو بهذا اللفظ للبخاري في «المغازي» .
(وفي رواية) هي لهما فرواها البخاري عقب الحديث قبله ومسلم في الأطعمة من «صحيحه» عن سعيد بن مينا (قال جابر لما حفر الخندق) بالبناء للمفعول (رأيت النبي خمصاً فانكفأت) وعند البخاري: فانكفيت بتحتية بدل الهمزة (إلى امرأتي) بعد أن استأذنت النبي كما في الرواية قبله (فقلت: هل عندك شيء) أي من الطعام والتنوين فيه للتقليل (فإني رأيت) أي أبصرت (برسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمصاً شديداً) وصف الخمص هنا تهييجاً على إظهار ما عندها إن كان كما هو من عادة النساء من إخفاء بعض المتاع عن الأزواج يعدونه لشدتهن: أي لا شدة يدخر لمثلها فوق هذا (فأخرجت إلي جراباً فيه صاع من شعير) الصاع مكيال، وصاع النبيّ الذي بالمدينة أربعة أمداد وذلك خمسة أرطال وثلث بالبغدادي. وقال أبو حنيفة: الصاع ثمانية أرطال لأنه الذي يعامل به أهل العراق ورد بأن الزيادة عرف طار على عرف الشرع وسبب الزيادة ما ذكر الخطابي أن الحجاج لما ولي العراق كبر الصاع ووسعه على أهل الأسواق للشعير فجعله ثمانية أرطال قال الخطابي وغيره: وصاع أهل الحرمين إنما هو خمسة أرطال وثلث، والصاع يذكر ويؤنث. قال الفراء: أهل الحجاز يؤنثونه وبنو أسد وأهل نجد يذكرونه وربما أنثه بعض بني أسد. قال الزجاج: التذكير أفصح عندالعلماء اهـ ملخصاً من «المصباح» والظاهر أن المراد من الصاع المعروف عند أهل المدينة وهو الصاع الشرعي. و «من» في قوله من شعير. بيانية للصاع: أي للمكيل به (ولنا بهيمة) يتشديد التحتية بالتصغير لما تقدم (داجن) أي ملازمة للبيت لا تفلت للرعي، ومن شأنها أن تكون سمينة (فذبحتها) بضم التاء للمتكلم (وطحنت الشعير) بكسر تاء التأنيث الساكنة لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير يعود إلى المرأة (
ففرغت إلى) أي مع (فراغي) أي فرغت من الطحن مع فراغي من ذبح الداجن وسلخها (وقطعتها) كذا في الأصول بتخفيف الطاء المهملة ولعله لصغر جثتها وإلا فالأنسب بالتكثير التشديد (في برمتها) متعلق بمحذوف: