للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد تمرة، وهذا باعتبار آخر فعل أبي عبيدة، وإلا ففي البخاري: فكان يقوتنا كل يوم قليلاً قليلاً حتى فني فلم يكن يصيبنا إلا تمرة، وكذا قال المصنف في «شرح مسلم» : الظاهر أن قوله قسم تمرة تمرة إنما كان بعد أن قسم قبضة قبضة فلما قل ثمرهم قسم تمرة تمرة.l والجراب هو الذي زودهم به وكانت عندهم أزوادهم من تمر لأنفسهم كما يدل عليه قوله في رواية للبخاري ومسلم: فكنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة

بأزواد الجيش فجمعت، فكان مزودي تمراً. قال في «الفتح» : وقول عياض يحتمل أنه لم يكن في أزوادهم تمر غير الجراب المذكور مردود بما ذكر (فقيل) يحتمل أن يكون القائل وهب بن كيسان الراوي عن جابر فإن في رواية البخاري في المغازي التصريح بأنه سأل جابراً: ما يعني عنكم تمرة فقال: قد وجدنا نقدها حين فقدت فلعله سأل فقال: (كيف كنتم تصنعون؟) قال البيضاوي في التفسير: تصنعون أبلغ من تعملون، من حيث إن الصنع عمل الإنسان بعد تدرب فيه وتردد وتر وتحر وإجادة (بها قال: نمصها) لم يصدر قال: بفاء ولا واو، بل أتى بها مستأنفاً، لأن مراده الإخبار عن قوله ذلك مع قطع النظر عن كونه أخبر حالاً أو بعد (كما يمصّ الصبي ثم نشرب عليها من الماء) أي بعض الماء (فتكفينا يومنا إلى الليل) ففيه ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الزهد في الدنيا والتقلل منها والصبر على الجوع وخشونة العيش، وفيه كرامة له حيث كفى الواحد منهم نهاره تمرة واحدة لكونها حلت عليه بركته. وفيه أن توقف الشبع على الأكل ليس على جهة اللزوم وإنما ذلك فعل الله يفعله عقبه تارة ومن غيره أخرى كما قال: «إني أظلّ عند ربي يطعمني ويسقيني» أي يجعل في قوة الطاعم والشارب على أحد الأقوال، ومنه قوله:

{أطعمهم من جوع} (قريش: ٤) على القول بأن: «من» تبعيضية والله أعلم. وفني التمر كما في رواية أخرى لهما: «فلم يصلهم ولا تمرة تمرة فوجدوا فقدها» كما تقدم عن جابر فعنده ضربوا الشجر كما قال: (وكنا نضرب بعصينا) بكسر أوله إتباعاً لكسر ثانيه وتشديد التحتية ويجوز ضم أوله (الخبط ثم نبله بالماء) هذا يدل على أنه كان يابساً بخلاف ما جزم به الداودي أنه كان أخضر رطباً قاله في «الفتح» . قلت: ولعل الماء كان لإذهاب خشونته ولإساغته فلا يخالف ما قاله الداودي (فنأكله فانطلقنا على ساحل) بالمهملتين: أي شاطىء (البحر فرفع) بالبناء للمجهول (لنا على ساحل البحر كهيئة

<<  <  ج: ص:  >  >>