للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسمعون) قال ابن رسلان في «شرح السنن» : في الكلام

أنواع من التأكيدات: إلا الدالة على العرض والتحضيض على الاستماع والتأكيد بتكرير الكلمة والتصريح بالإصغاء بالاستماع سماع فهم وانتفاع، مع أنه عالم بأنهم يستمعون لما يقوله ويبادرون إلى امتثاله، لكن يكون أبلغ في الموعظة والإتيان بلفظ (إن) للتأكيد وهي عوض إعادة الكلام مرّتين (البذاذة من) كمال (الإيمان) الراسخ في القلب، قال زيد بن وهب: رأيت عمر بن الخطاب خرج إلى السوق وبيده الدرّة وعليه إزار فيه أربع عشرة رقعة بعضها من أدم: أي جلد. وعوتب عليّ رضي الله عنه في إزار مرقوع فقال: يقتدي به المؤمن ويخشع له القلب. قال عيسى عليه السلام: جودة الثياب خيلاء القلب، وإنما كانت البذاذة من الإيمان لما تؤدي إليه من كسر النفس والتواضع، ولكن ليس ذلك عند أكل أحد بل يورث عند بعض الناس من الكبرياء ما يورثه لبس نفيس الثياب عند آخرين، وبالجملة فالمحبوب التوسط في الثياب كما سيأتي بسطه في كتاب اللباس (إن البذاذة من الإيمان) وفي بعض نسخ أبي داود تكراره ثلاثاً، ولا ينافي حديث الباب وما في معناه، وإيثاره بذاذة الهيئة ورثاثة المنظر وتبعه عليه السلف الصالح ما اختاره جمع أئمة من متأخري الصوفية وغيرهم، لأن السلف لما رأوا أهل الهوى يتفاخرون بالزينة والملابس أظهروا لهم برثاثة ملابسهم حقارة ما حقره الحق مما عظم الغافلون، والآن قد قست القلوب ونسي ذلك المعنى، فأخذ الغافلون رثاثة الهيئة حيلة على جلب الدنيا، فانعكس الأمر وصار مخالفتهم في ذلك تبعاً للسلف، ومن ثم قال العارف با تعالى أبو الحسن الشاذلي لذي رثاثة أنكر عليه جمال هيئته: يا هذا هيئتي هذه تقول الحمد، وهيئتكم تقول: أعطوني من دنياكم (يعني التقحل) هذا قول أبي داود وتفسير للبذاذة كما صرح به شارح «سنن أبي داود» بن رسلان فقال: قال المصنف: البذاذة يعني التقحل بفتح التاء والقاف وبالحاء المهملة المشددة. (رواه أبو داود) في الترجل من «سننه» ، ورواه ابن ماجه في الزهد

(البذاذة بالباء الموحدة) المفتوحة (والذالين المعجمتين) الخفيفتين (وهي رثاثة) بالراء والمثلثتين الخفيفات مصدر رث الشيء. أي خلق، قال في «النهاية» : وأصل اللفظة من الرث وهو الثوب الخلق اهـ. والمراد منه في عبارته ضد الجيد من (الهيئة وترك فاخر الثياب) أي تواضعاً في اللباس، يقال: فلان بذّ الهيئة وباذها: أي رث اللبسة، والمراد التواضع في اللباس وترك التبجح به. قال هارون الرشيد: سألت معناً

<<  <  ج: ص:  >  >>