صلى بالناس) أي وقت صلاته بهم، وهو مضمن معنى الشرط ولا يجزم إلا في الشعر، جوابه (يخرّ) بكسر الخاء المعجمة: أي يسقط (رجال من) ابتدائية: أي سقوط مبتدأ (من قامتهم في الصلاة) تعليلية (الخصاصة) بفتح الخاء المعجمة وبالمهملتين الخفيفتين بينهما ألف (وهم أصحاب الصفة) جملة حالية من فاعل يخر لتخصيصه بالوصف (حتى) غاية لمحذوف: أي فتعجب من خرورهم من لم يعلم سببه إلى أن (يقول الأعراب) أي من حضره حينئذ من سكان البوادي (هؤلاء مجانين) يحتمل كون الجملة خبرية كما هو الظاهر، ويحتمل أنها استفهامية على تقدير الهمزة، وعلى كل فهي منصوبة المحل على الحكاية، وذلك أنهم توهموا أن ذلك الخرور صادر عنهم اختياراً لا عن سبب يقتضيه، وذلك بحضرة الجمع شأن المجانين، فلذا حكموا عليهم به، أو سألوهم كذلك (فإذا صلى رسول الله) أي الصلاة بإتمامها بسلامه منها وانصرف عنها (انصرف إليهم) أي متوجهاً إليهم (فقال) عقب وصوله إليهم لأنه الحامل له على قصدهم (لو تعلمون ما لكم عند ا) أي ما أعده لكم مما لم تسمعه أذن ولم يره بصر، وفيه شهادة لهم بمكانتهم عند المولى سبحانه لصدق إيمانهم، وحسن مجاهدتهم وكمال وجهتهم (لأحببتم أن تزدادوا فاقة) أي حاجة فعطف قوله: (وحاجة) عليها من عطف الرديف وحبهم، ذلك ليصبروا عن الابتلاء بها فيكثر ما يؤجرون عليه من ذلك، فإن الجزاء على حسب المجازى عليه قلة وكثرة، أو لأنهم استعذبوا جميع ما يرد عليهم من الحق سبحانه لكمال عرفانهم، فنظروا إلى النعم من حيث صدورها من الرحيم لا من حيث ذاتها فأعجبوا بها على أي أمر تجلت وعلى أيّ مذاق، وما أحسن قول القائل:
إذا ما رأيت الله في الكل فاعلاً
رأيت جميع الكائنات ملاحاً
وقلت في هذا المعنى:
يا طالب التحقيق والعرفان
لا تنظرن لحوادث الأزمان
فتضيق منها وانظرن لمن بدت
منه إليك فهو العلي الشان
(رواه الترمذي) في الزهد من «جامعه» (وقال: حديث صحيح. الخصاصة: الفاقة