وقيل له إنه صدقة أمر من عنده بأكله ولم يأكل منه، وإن قيل: إنه هدية ضرب بيده وأكل منه، وحمل على أن هذا كان قبل بناء الصفة وكان يقسم الصدقة فيمن يستحقها ويأكل الهدية فيمن حضر من أصحابه، ويحتمل أن يكون باختلاف حالين فيحمل حديث الباب على ما إذا لم يحضره أحد فإنه يرسل ببعض الهدية إلى أهل الصفة أن يدعوهم كما في قصة الباب، وإن حضر أحد شركه في الهدية وإن كان هناك فضل أرسل به إلى أهل الصفة أو دعاهم، ووقع في حديث أحمد عن طلحة بن عمر: نزلت في الصفة مع رجل كان بيني وبينه كل يوم مدّ من تمر وهو محمول على اختلاف الأحوال، كان أولاً ينزل إلى أهل الصفة مما حضره أو يدعوهم أو يفرقه على من حضر إن لم يحضر ما يكفيهم، فلما فتحت فدك وغيرها صار يجري عليهم من التمر في كل يوم ما ذكره اهـ ملخصاً من «الفتح»(فساءني) بالمد: أي أحزنني (ذلك) أي قوله: ادعهم لي لمزيد ضرورتي وشدة فاقتي ظن أن ذلك اللبن لا يزيد عن حاجته كما هو مقتضى العادة فيه فلذا قال: (فقلت وما هذا اللبن) والواو عاطفة على محذوف والإشارة للتحقير (في أهل الصفة؟) وهم عدد كثير، وفي رواية:«وأين يقع هذا اللبن في أهل الصفة؟»(كنت أحق) أي أولى به (أن أصيب) وحذف المفضل عليه مجروراً بمن لدلالة السياق عليه: أي أولى منهم إصابة (من هذا اللبن شربة أتقوى بها) أي أصير ذا قوة من ضعف الجوع بسببها، يقال: تحجر الطين: أي صار حجراً، ويجوز أن يكون بمعنى المجرد: أي أقوى بها بعد الضعف (فإذا جاء) قال الحافظ في «الفتح» كذا فيه بالإفراد: أي من أمرني بطلبه، والأكثر جاءوا بصيغة الجمع اهـ، والموجود في بعض نسخ الرياض الوجه الثاني (أمرني) أي النبي (فكنت أنا أعطيهم) وكأنه عرف ذلك بالعادة لأنه كان يلازم النبي ويخدمه (وما عسى أن يبلغني) أي يصل إلى (من هذا اللبن) بعد أن يكتفوا منه، وقال الكرماني: لفظ عسى زائد، ووقع في رواية يونس بن بكير:«فيأمرني أن أديره عليهم وما عسى أن
يصيبني منه، وقد كنت أرجو أن أصيب منه ما يقيتني» : أي من جوع ذلك اليوم (ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد) أي محيد. قال في «المصباح» : لا بد من كذا: أي لا محيد عنه، ولا يعرف استعماله إلا مقروناً بالنفي اهـ. وذلك لأن شكر المنعم سبحانه واجب شرعاً وطاعة الرسول له سبحانه، قال تعالى:
{من يطع الرسول فقد أطاع ا}(النساء: ٨٠)(فأتيتهم) أي عقب الأمر لي بدعوتهم وإن كان على خلاف هواي (فدعوتهم)