للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمحتاجون منهم الصابرون على الضرار من غير تضجر ولا تبرم من القضاء اكتفاء بتدبير المولى فيهم ورضاء بما قسم لهم (فقضى الله بينهما) أي أخبر عما أراده لهما مما سبقت به إرادته قائلاً (إنك الجنة) في الغة: عبارة عن البستان من النخيل والأعناب والمراد منها هنا مقابل النار (رحمتي) قال الطيبي: سماها رحمة لأن بها تظهر رحمة الله كما قال (أرحم بك من أشاء) وإلا فرحمة الله من صفاته التي لم يزل بها موصوفاً ليس صفة حادثة ولا اسم حادث فهو قديم بجميع أسمائه وصفاته جل وعلا اهـ.Y وهذا بناء على أن الرحمة الموصوف بها تعالى يراد منها إرادة الفضل والإحسان فتكون من صفات المعاني الأزلية القائمة بالذات، أما إذا أولت بالإحسان نفسه فتكون من صفات الأفعال، وهي حادثة غير قائمة بذات الباري عند الأشعري وأتباعه، وظاهر أن المراد هنا المعنى الثاني (وإنك النار عذابي أعذب بك من

أشاء) ممن تعلقت الإرادة الإلهية بتعذيبه (ولكليكما عليّ ملؤها) فمن يدخل الجنة لا يخرج منها البتة وكذا من يدخل النار من الكفرة: أما ذوو المعاصي من المؤمنين إذا دخلوها فلا بد من خروجهم منها ودخولهم الجنة بالوعد الذي لا يخلف قال تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره} (الزلزلة: ٧) وقال: «من مات وفي قلبه ذرّة من إيمان دخل الجنة» (رواه مسلم) وسيأتي بيان الباب الذي ذكره فيه من «صحيحه» وما فيه.

٢٥٥٤ - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال) وفي نسخة قال إنه: (ليأتي) بفتح اللام وهي المؤذنة بالقسم المقدر قبلها المأتي به لتأكيد الأمروتقويته (الرجل العظيم) قدراً في الدنيا (السمين) جسماً (يوم القيامة) ظرف ليأتي (لا يزن عند الله جناح بعوضة) جملة حالية من فاعل يأتي: أي لا يعدله عند الله: أي لا قدر له عنده، وتتمة

<<  <  ج: ص:  >  >>