الآتيان (وصم من الشهر ثلاثة أيام) هذا تفصيل لما أجمله في قوله فصم وأفطر: أي: فصيام الثلاث من الشهر كصيامه (فإن الحسنة بعشر أمثالها) هذا أقل درجات المضاعفة، وتضعيف الحسنات من خصائص هذه الأمة نبه عليه القرافي، وظاهر الحديث أن ذلك يحصل بصيام: أي: ثلاثة كانت من الشهر، وقد اختلفت الأخبار في أفضلها (وذلك) أي: صيام الثلاث من كل شهر لكون الحسنة بعشر أمثالها (مثل صيام الدهر) في أصل الثواب لا فيه مع المضاعفة المرتبة على صيامه بالفعل لئلا يلزم مساواة ثواب الأقل من الأعمال للأكثر منها مع التساوي في سائر الأوصاف، وقواعد الشرع تأباه. قال في «فتح الباري» : ومع ذلك فيصدق على فاعل ذلك أنه صام الدهر مجازاً (قلت: إني أطيق) عملاً (أفضل من ذلك) أي: أكثر ثواباً من صوم ثلاث أيام وهو الزيادة في الصوم المرتب عليها الزيادة في الثواب لما عندي من القوى وفي مسلم عنه «إني لأقوى من ذلك» وعند مسلم «إن بي قوة» وعنده أيضاً «إني أجدني أقوى من ذلك»(قال: فصم يوماً وأفطر يومين) قال القلقشندي: وقع في بعض طرق الحديث زيادة قبل هذا وهي «فصم من كل شهر ثلاثة أيام» وهي على شرط مسلم وفي بعض طرقه عند الشيخين «أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام؟ قلت يا رسولالله، قال خمساً، قلت يا رسول الله قال سبعاً، قلت يا رسولالله، قال تسعاً، قلت يا رسولالله، قال أحد عشر، قلت يا رسولالله، فقال النبي: لا صوم فوق
صوم داود شطر الدهر صيام يوم إفطار يوم» فهذا يدل على أن الزيادة وقعت بالتدريج فذكر بعض الرواة ما لم يذكره الآخر (قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، قال: صم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود عليه السلام وهو أعدل الصيام) لأن النفس تكتسب في يوم الفطر من القوي ما يجبر به ما لحقها من وهن الصوم فتدوم على العمل، ولفظ أعدل لمسلم (وفي رواية) للبخاري (وهو أفضل الصيام) أي: صيام التطوّع فهو أفضل من صوم الدهر كما قاله المتولي وغيره خلافاً لما أفتى به ابن عبد السلام، والسرّ في ذلك أن صوم الدهر قد يفوت به حق مفروض فيكون حراماً، أو مندوب آكد من الصيام فيكون مكروهاً، وقد لا يفوت به شيء من ذلك فيباح لأنه