للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: ولا يمكن القيام بكلها في كل وقت لأن الوقت لا يقبل عملين، وليس للإنسان في جوفه من قلبين (والغدوة) بفتح الغين المعجمة المرة من (سير أول النهار) الذي هو الغدو (و) كذا (الروحة) فهي المرة من سير (آخر النهار) المسمى بالرواح ففي العبارة تجوّز وتسامح.

قال السيوطي: الغدو سير أول النهار، والغدوة أي بالفتح المرة منه، وبالضم ما بين صلاة الغدوة وطلوع الشمس اهـ (والدلجة) السير (آخر الليل) هذا قول بعض أهل اللغة، واقتصر في «مختصر القاموس» على أنه سير الليل كله، وقد بسط ذلك القاضي عياض فقال في «المشارق» : اختلف أرباب اللغة في هذا: أي: في أدلج بالتشديد والتخفيف وفي الإدلاج بسكون الدال وتشديدها مكسورة هل يستعمل ذلك كله في الليل كله أو بينها اختلاف؛ فقيل إن ذلك كله يستعمل في سير الليل كله والدلجة بفتح الدال وضمها سواء فيهما، وأنهما لغتان، وأكثرهم يقول ادّلج بتشديد الدال: سار آخر الليل، وأدلج بتخفيفها: الليل كله، يقال ساروا دلجة: أي: ساعة من الليل، والدلج بفتح اللام، والإدلاج بسكون الدال، والدلجة بفتح الدال: سير الليل كله، والإدلاج بتشديد الدال، والدلجة بضم الدال: سير آخره. وفي الهجرة: فيدلج من عندهما سحراً اهـ. (وهذا) أي: قوله استعينوا الخ (استعارة) بأن شبه استعانة السالك في استعماله في سلوكه أوقات النشاط المقرّبة لوصوله لغاية سلوكه باستعانة المسافر السفر الحسي بسيره في هذه الأوقات التي تنشط فيها الدواب وتقطع فيها المسافات التي يقرب بقطعها من المقصد، ثم سرت الاستعارة منه إلى الفعل فهي استعارة مصرحة تبعية (وتمثيل) بأن شبه ما يقع من السالك من الاستراحة وقتها والتعبد أوقات النشاط والفراغ بحلول المسافر تارة وارتحاله في أوقات النشاط أخرى في الوصول إلى المقصد، فالواو في كلامه بمعنى أو الاستعارة في الوجه الأخير للمجموع، ويحتمل أن يكون مراد المصنف أن ذلك استعارة تمثيلية، والله أعلم (ومعناه: استعينوا على طاعة الله تعالى بالأعمال في وقت نشاطكم) هذا يرجع إلى الغدوة والروحة (وفراغ قلوبكم) يرجع للدلجة (بحيث تستلذون الطاعة) وإن كانت شاقة في ذاتها لمزيد النشاط وصفاء القلب مما يشغله عن استجلاء محاسن الطاعة (ولا تسأمون) لنشاطكم وفراغ قلوبكم (وتبلغون

مقصودكم) من أداء العبودية حسب الطاقة (كما أن المسافر الحاذق يسير في هذه الأوقات) لنشاط الدواب ببرد الهواء فيقطع فيها من المسافرة ما لا يقطعه في أطول منها من باقي

<<  <  ج: ص:  >  >>