واعترض بأن كونها طليعة لا ينتج الجواب عن تخصيص خطيئتها بالمغفرة، فالذي يتجه في الجواب أن سبب التخصيص أن كلاً من الفم والأنف له طهارة مخصوصة خارجة عن طهارة الوجه فكانت متكلفة بإخراج خطاياه، بخلاف العين فإنها ليس لها طهارة إلا في غسل الوجه، فحطت خطيئتها عند غسله دون غيرها (فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كانت) اسمها ضمير الشأن (بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها) أي: مشت إليها أو مشت المشية (رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب) الصغائر المذكورة (رواه مسلم) ومالك في «الموطأ» .
١٣٠ - (الرابع عشر: عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهنّ) من الصغائر المتعلقة بحقوق الله تعالى (إذا اجتنبت الكبائر) قال الحافظ وليّ الدين العراقي: استند العلماء في تقييد الذنوب المكفرة بالعمل الصالح بالصغائر لهذا الحديث فجعلوا التقييد فيه مقيداً للإطلاق في غيره اهـ ملخصاً. ونظر فيه ابن دقيق العيد. وحكى ابن التين فيه خلافاً فقال: اختلف هل يغفر الله له بهذه المذكورات الكبائر إذا لم يصرّ عليها أم لا يغفر له سوى الصغائر؟ قال: وهذا كله لا يدخل فيه مظالم العباد، وقال القرطبي: لا بعد في أن يكون بعض الأشخاص تغفر له الكبائر والصغائر بحسب ما يحضره من الإخلاص ويراعيه من الإحسان والآداب، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء اهـ. قلت: وقد سبق إلى ذلك ابن العربي وجزم به فقال: لو وقعت الطهارة باطناً بتطهير القلب عن أوصاب المعصية، وظاهراً باستعمال الماء على الجوارح بشرط الشرع،