وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أوائِلُهُمْ عَلَى بُحيرَةِ طَبَريَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بهذِهِ مَرَّةً ماءٌ، وَيُحْصَرُ نَبيُّ اللهِ عِيسَى - صلى الله عليه وسلم - وأصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْراً مِنْ مِئَةِ دينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى - صلى الله عليه وسلم - وأصْحَابُهُ - رضي الله عنهم - إلى اللهِ تَعَالَى، فَيُرْسِلُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمُ النَّغَفَ في رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ
ــ
أعجميان ألفهما كألف هاروت وما أشبهه، وعليه فالهمز قياس إنما هو على لغة من همز الألف، كقائم ووزنها فاعول اهـ. وقاق الحافظ في الفتح هما اسمان أعجميان عند الأكثرين. وقيل عربيان. واختلف في اشتقاقهما. فقيل من أجيج النار أي: التهابها. وقيل من الإِياجة أي الاختلاط وشدة الحر. وقيل من الأج أي: سرعة العدو. وقيل: من الأجاج أي: الماء الشديد الملوحة وجميع ما ذكر من الاشتقاق مناسب لحالهم (من كل حدب) بفتح أوليه المهملتين وبالموحدة النشر (ينسلون) أي: مسرعين (فيمر أولهم على بحيرة طبرية) بضم الموحدة وفتح المهملة وسكون التحتية مصغر بحرة وطبرية بفتح المهملة والموحدة اسم مكان بفارس (فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة) أي: في وقت (ماء) واسم كان أخر لنكارته وقدم عليه خبره الظرفي المسوغ للابتداء به (ويحصر) بضم التحتية وفتح المهملة الثانية من المحاصرة (نبي الله عيسى وأصحابه) أي: يمنعون من يأجوج ومأجوج من النزول إلى الأرض حتى (يكون رأس الثور لأحدهم) أي: عنده، وإنما ذكر رأس الثور ليقاس به البقية في ارتفاع القيمة وذهب بعضهم إلى أنه أراد برأس الثور نفسه أي: تبلغ قيمة الثور إلى ما فوق المائة لاحتياجهم إليه في الزراعة. قال التوربشتي ولم يصب لأن رأس الثور قل ما يراد به عند الإِطلاق نفسه، بل يقال: رأس ثور أو رأس من الثور، ثم إن في الحديث أنهم محصورون، وما للمحصور والزراعة لا سيما على الطور اهـ. (خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم) وذلك لقوة حاجتهم للطعام واضطرارهم إليه (فيرغب نبي الله عيسى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى الله تعالى) أي: ابتهلوا وتضرعوا إليه وسألوه دفع أذى يأجوج ومأجوج وفي إهلاكهم (فيرسل الله تعالى عليهم) أي: على يأجوح ومأجوج (النغف) بضم النون وفتح الغين المعجمة وبالفاء دود يكون في أنوف الإِبل والغنم الواحدة نغفة (في رقابهم فيصبحون فرسى) بفتح الفاء وسكون الراء وبالسين المهملة (كموت نفس واحدة) أي: يموتون دفعة واحدة، قال التوربشتي: نبه بالكلمتين النغف وفرسى، على أنه تعالى يهلكهم في أدنى ساعة بأهون شيء وهو النغف. فيفرسهم فرس السبع فريسته، بعد