للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَيِّتِ" (١) .

١٤٣٣- وعَنْ أبي هُرْيْرَةَ رَضِيَ الفَهُ عَنْة أَنً رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يَقولُ اللهُ تعالَى: أَنَا عِنْدَ ظَن عَبْدي بي، وأَنَا مَعَه إِذَا ذَكَرني؛ فَإِنْ ذَكَرَني في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَمسي، وإنْ ذَكَرَني في مَلٍأ ذَكَرْتُهُ في مَلٍأ خَيْرٍ مِنْهُمْ"

ــ

١٤٣٣- (وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يقول الله تعالى) تقدم أن هذه إحدى الصيغ لرواية الحديث القدسي، والمشهور أن يقال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: (أنا عند ظن عبدي بي) قال التوربشتي: الظن فيه بمعنى اليقين أي أنا عند يقينه بي في الاعتماد على الاستيثاق بوعدي والرهبة من وعيدي والرغبة فيما عندي.

وقال ابن حجر في فتح الإِله: جاء في رواية: فلا يظن بي إلا خيراً فإني أحققه له، ولا يظن بي شراً فإني أحققه له لتقصيره بذلك، لأن رحمتي سبقت غضبي ومن ثم كان اليأس من رحمة الله كفراً كما أن أمن مكره كذلك (وأنا معه) أي: بالحفظ من الشيطان وجنده، أو بالتوفيق والإِعانة (إذا ذكرني) بلسانه أو قلبه، ثم فرع عليه ما يفيد أنه مع الذاكر سواء ذكره في نفسه أو مع غيره فقال: (فإن ذكرني في نفسه) أي: سراً وإخلاصاً وبعداً عن مظان الرياء (ذكرته في نفسي) ذكر هذا مع استحالة الظرفية، والنفس على الله للمشاكلة على حد (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) (٢) قال التوربشتي: الذكر من الله حسن قبوله منه والمجازاة له بالحسنى. والمراد من هذا أن الله يؤتي المسر بذكره ثوابه سراً على منوال عمله، أي: فيخفي ذلك عن ملائكته، ويعطيه من غير أن يكل إثابته إلى مخلوق، وفائدة ذكر الله له في الغيب الاصطفاء والاستئثار، وأنه تعالى إنما يدع علم الشيء بمكان من الغيب استئثاراً به، واصطفاءً له، وفيه صيانة سر العبد من اطلاع الملأ الأعلى وتوقي عمله عن إحاطة الخلق بكنه ثوابه، ونظيره في هذا حديث "الصوم لي وأنا أجزي به" (وإن ذكرني في ملأ) من الذاكرين (ذكرته في ملأ خير منهم) أي: وهم الملائكة، ولا دليل فيه لتفضيل مطلق الملك على البشر، لإِمكان أن يحمل على أن المراد من الملائكة خواصهم، وهو الأفضل من عوام البشر، كما يعلم من تفصيل التفضيل، بين النوعين المقرر في كتب علم الكلام، أي: أن خواص البشر من الأنبياء والمرسلين أفضل من خواص الملك، وخواصهم


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الدعوات، باب: فضل ذكر الله عز وجل (١١/١٧٥ و١١٧) .
(٢) سورة المائدة، الآية: ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>