عن حارثة وكان قتل يوم بدر) بسهم أصابه ولم يعرف راميه، ولذا قال في الحديث في البخاري: أصابه بسهم غرب بتنوين سهم وفتح الغين المعجمة وسكون الراء وبموحدة، كذا في الرواية أي: لا يعرف راميه، أو لا يعرف من أي جهة جاء، ومثله سهم عرض، فإن عرف راميه فليس بغرب ولا عرض، وقيل: قتله حبان بن عرقة، بفتح العين المهملة وكسر الراء وبالقاف، رماه بسهم فأصاب نحره فقتله، وعليه فلا يقال في السهم الذي أصابه غرب ولا عرض قاله العيني، وقال ابن قتيبة: العامة تقوله بالتنوين والإِسكان، والأجود بالإِضافة وفتح الراء، وقال أبو زيد: إن جاء من حيث لا يعرف راميه فهو بالتنوين والإِسكان، وإن عرف لكن أصاب من لم يقصده، فهو بالإِضافة والفتح، وقال الأزهري: هو بالفتح لا غير، وحكى جماعة من اللغويين الوجهين مطلقاً، وحذف المصنف هذه الجملة لعدم تعلق غرضه بها، وكان حارثة قد خرج نظاراً، كما رواه أحمد. زاد النسائي: ما خرج لقتال (فإن كان في الجنة صبرت) أي: يسليني عنه علمي بشرف مصيره (وإن كان غير ذلك) أي: وإن كان في النار إذ ليس ثمة سوى المنزلتين (اجتهدت عليه في البكاء) قال الخطابي: أقرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا، فيؤخذ منه الجواز، وأجيب بأنه كان قبل تحريم النوح فلا دلالة فيه، فإن تحريمه كان عقب غزوة أحد، وهذه عقب غزوة بدر، وفي رواية للبخاري في الرقاق: فإن كان في الجنة لم أبك عليه (فقال: يا أم حارثة إنها) الضمير للقصة (جنان) بكسر فنونين بينهما ألف، أي: جنات كثيرة، كما جاء كذلك في رواية البخاري المذكورة في الرقاق (في الجنة) صفة لما قبله (وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى) الفردوس البستان الذي يجمع كل شيء، وقيل: الذي فيه العنب، وقيل: هو بالرومية، وقيل: بالقبطية، وقيل: بالسريانية وبه جزم الزجاج، والمراد به أنه محل مخصوص من الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنها أوسط الجنة وأعلى الجنة، وأراه فوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة" رواه البخاري ومعنى أوسط الجنة خيارها، وأفضلها وأوسعها فلا يشكل بكونها أعلاها (رواه البخاري) ورواه الترمذي وابن خزيمة.
(١) أخرجه البخاري في كتاب: الجهاد، باب: من أتاه سهم غرب فقتله (٦/٢٠، ٢١) .