فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الهَيْئَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى أأنْتَ سَمِعْتَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَرَجَعَ إِلَى أصْحَابِهِ، فَقَالَ: أقْرَأُ عَلَيْكُم السَّلاَمَ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ فَألْقَاهُ، ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ إِلَى العَدُوِّ فَضَربَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ. رواه مسلم (١) .
١٣٠١- وعن أَبي عبسٍ عبد الرحمان بن جَبْرٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ في سَبيلِ اللهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ"
ــ
ترتفع عليهم، حتى كأن السيوف أظلت الضاربين بها، والمراد أن الضارب بالسيف في سبيل الله يدخله الله الجنة بذلك. اهـ ملخصاً وتقدم سوقه بلفظه في آخر باب الصبر (فقام رجل رث الهيئة) بفتح الراء وتشديد المثلثة، أي: خلق الثياب، وهذا الرجل لم أقف على اسمه لا في شرح مسلم للمصنف ولا في شرح غيره (فقال: يا أبا موسى أأنت) بتخفيف الهمزتين، ويجوز تسهيل الثانية بقلبها ألفاً، كما هو كذلك في أصل مصحح من الرباض، وفي أخرى بألف واحدة بلا مد، وهو على نية حذف همزة الاستفهام (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: هذا) أراد بهذا الاستفهام المبالغة في تحقيق الخبر وقلة الوسائط بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن كثرتها مظنة الغلط والسهو وإلا فمرسل الصحابي حجة، كما سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عبرة بمن خالف فيه، فألحقه بمرسل غيره (قال: نعم فرجع إلى أصحابه) وكأنه ليوصيهم بما عليه الوصية به ويودعهم ولذا قال: (فقال: أقرأ عليكم السلام) أي: مودعاً لكم (ثم كسر جفن سيفه) بفتح الجيم وسكون الفاء وبالنون أي: غلافه، وجمعه جفون وقد يجمع على جفان (فألقاه) وإنما فعل ذلك قطعاً لطمع نفسه من الحياة، وإيئاساً لها من العود (ثم مشى بسيفه إلى العدو) لكفرة المقاتلين (فضرب به حتى قتل) بالبناء للمجهول، وحتى غاية لاستمرار مقدر (رواه مسلم) قال المنذري في الترغيب: ورواه مسلم والترمذي وغيرهما.
١٣٠١- (وعن أبي عبس) بفتح المهملة وسكون الموحدة، فسين مهملة، كنية (عبد الرحمن بن أجبر) بفتح الجيم وسكون الموحدة، ابن ريد بن جثم الأنصاري (رضي الله عنه) وقيل: اسمه عبد الله، وقيل: معدٍ حكاه الحافظ في التقريب، وفيه: أنه صحابي شهد بدراً وما بعدها، ومات سنة أربع وثلاثين، عن سبعين سنة خرج حديثه البخاري والترمذي والنسائي. اهـ روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث الباب (قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار) بالنصب بأن في جواب النفي، وفيه بشارة للمجاهد
(١) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد، (الحديث: ١٤٦) .