للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن دلت الأحاديث المتضمنة للإجابة على أن المراد المساوقة. وقال الكرماني: إنما قال مثل ما يقول ولم يقل مثل ما قال ليشعر بأنه يجيب عقب كل كلمة بمثل كلمتها اهـ. وقال الشافعية: يستحب التتابع عقب كل كلمة لا معها ولا يتأخر عنها عملاً بما تقتضيه فاء التعقيب، ظهر هذا الحديث أن الإجابة تكون بحكاية لفظ المؤذن في جميع ألفاظ وبه قال بعض الأئمة منهم الحنابلة. وذهب الشافعي والجمهور إلى أن السامع يبدل الحيعلة بالحوقلة لحديث معاوية المخرّج في «صحيح البخاري» وحديث عمر المخرج في «صحيح مسلم» ففيهما ذلك تصريحاً فيخص بهما عموم هذا الحديث ونحوه، ومن جهة المعنى أن ألفاظ الأذان غير الحيعلة ذكر يحصل الثواب بذكرها للمؤذن والمجيب، والحيعلة يقصد بها الدعاء لصلاة وهو خاص بالمؤذن، فعوّض المجيب من الثواب الذي يفوته بترك الحيعلة الثواب الذي يحصل له بالحوقلة، ثم ظاهر قوله «قولوا» وجوب الإجابة، قال ابن قدامة

في «المغني» : لا أعلم أحداً قال به. قلت: حكى الطحاوي والخطابي والقاضي عياض الوجوب عن بعض السلف (ثم صلوا عليّ) أي عقب الإجابة عرفاً فـ «ثم» في محل الفاء وعلل هذا الأمر بقوله على سبيل الاستئناف البياني (فإنه) أي الشأن (من صلى عليّ) أتى بأي صيغة من صيغها (صلاة) أي واحدة (صلى الله عليه بها عشراً) أي شرف عبده بذكره له بالرحمة اللائقة به عشر مرّات وهذا فيه تعظيم شرف الصلاة على النبي إذ جعل جزاءها كجزاء ذكره تعالى قال تعالى:

{فاذكروني أذكركم} (البقرة: ١٥٢) وقال تعالى: في الحديث في القدسي «أنا عند ظن عبدي بي إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه» وهذا قدر زائد على ما أفاده قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} (الأنعام: ١٦٠) الشامل لكل فرد منها (ثم سلوا الله لي الوسيلة) في الإتيان بـ «ثم» رمز إلى استحباب تصدير الدعاء بالثناء على الله تعالى والصلاة والسلام على رسول الله، وإن كان الدعاء لرسول الله (فإنها) أي الوسيلة (منزلة) أي شريفة عالية (في الجنة لا تنبغي) أي لا تليق (إلا لعبد) أي كامل في العبودية فالتنوين للتعظيم (من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا) تأكيد لاسم أكون، وأتى به

<<  <  ج: ص:  >  >>