وقع مباشرة الخبز منه تارة، ومن المرأة أخرى فطلب في كل معيناً (واقدحي) أي اغرفي (من برمتكم ولا تنزلوها) فيه تغليب المذكر على المؤنث لشرفه فالخطاب لجابر والأمر له ولامرأته، وفيه إن لم يكونا أزيد من ذلك إطلاق الجمع على ما فوق الواحد، وكأن حكمه الإبقاء ستر السرّ الإلهي بايهام الحاضرين كثرتها فتستمرّ سحائب الفيض متواترة معجزة له، ولا يقع عليها نظرهم ابتداء فيستقلوها فيكون بسبب رفع البركة منها أخذاً مما يأتي عن التلمساني في قصة أبي طلحة (وهم ألف) قال في «الفتح» : أي الذين أكلوا، وهذه الرواية محكوم بها لزيادة ما فيها على رواية إنهم كانوا سبعمائة أو ثمانمائة، ورواية أنهم كانوا ثمانمائة أو ثلثمائة، ورواية أنهم كانوا ثلاثمائة والقصة متحدة (فأقسم با لأكلوا) أكد بعده مؤكدات دفعاً لاستبعاد العقل بحسب العادة اكتفاء هذا العدد الكثير بهذا القدر اليسير من الطعام (حتى تركوه) أي المذكور من خبز العجين ولحم الشاة (وانحرفوا) أي مالوا عن المنزل جهة مقصدهم (وإن برمتنا لتغط) بكسر المعجمة وتشديد الطاء المهملة والجملة حالية، وقوله:(كما هي) مفعول مطلق أي تغط بعد انصرافهم شباعاً مثل غطيطها قبل الأخذ منها (وإن عجينتنا ليخبز كما هو) جملة معطوفة على الجملة الحالية، وهذه القصة علمان من أعلام النبوة: تكثير الطعام القليل، وعلمه بأنّ هذا الطعام القليل الذي يكفي في العادة خمسة أنفس أو نحوهم سيكثر فيكفي ألفاً وزيادة، فدعا له ألفاً قبل أن يصل إليه وقد علم أنه صاح شعير وبهيمة والله أعلم (قوله: عرضت كدية هي) في رواية الإسماعيلي (بضم
الكاف وإسكان الدال) المهملة (وبالمثناة تحت، وهي قطعة غليظة صلبة) بضم الصاد المهملة: أي شديدة قوية (من الأرض) مثله في «المصباح» وفي «فتح الباري» هي القطعة الصلبة الصماء وقوله: (لا يعمل فيها الفأس) بيان لتلك، لا أنه داخل في مفهوم الكدية كما تقدم عن «المصباح» وغيره، وعند أبي ذرّ أحد رواه البخاري أيضاً كيدة بفتح الكاف وسكون التحتية، قيل: هي القطعة الشديدة الصلبة من الأرض، وقال عياض: كأن المراد بها واحدة الكيد، كأنهم أرادوا أن الكيد وهو الحيلة أعجزهم، فلجئوا إلى النبيّ. وعن ابن السكن: كتدة بفوقية بدل