للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وللمصلي رياءً ونفاقا، ولقبول الوصايا وأخذ الودائع والحيل

على أموال الناس ولذلك تمثلوا:

ذيباً ترأه مصلِّيا فإذا بَصُرتَ به ركع ... يدعو وجُلُّ دعائِه ما للفريسة لا تقع

وكذلك قال: (وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) ، فترى أنه ذمهم على الصلاة أم على فعلها بالكسل

وغير نيةٍ ولا على وجه العبادة والقربة؟ !

وأمَّا تعلقهم بقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) .

وأنه نقيضُ قوله: (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا) ، فإنه باطلٌ

لا تعلُّق به لأن القاسطَ غيرُ المُقسط، لأنه بالميم العادلُ المنصف، فإذا قلنا

فلانٌ مقسطٌ أردنا به أنه عادل منصف، والقاسط بلا ميمٍ في الاسم إنّما هو

اسمُ الجائرِ الظالم وهو حَطَبُ جهنم، فهذا مما يشتبه لفظُه ويتقاربُ ومعناه

مختلف، وإنَّما هو كقولهم هجد وتهجد، فهجدَ بلا تاء معناه نام ورقد.

وتهجد بالتاء بمعنى قام لله وسهر.

فأمَّا قولُه تعالى: (وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا) ، وقوله: (وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ) ، فمعناه متفقٌ لأن الواصبَ هو الدائمُ الثابت الباقي، فقوله: (وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا) يعني باقياً دائمأ، والدينُ خيرُ محمود وقوله: (وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ) يعني مقيم دائم غير أنه لا خيرَ لهم فيه ولا فرج.

أما تعلقهم بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) ، وأنه نقيضُ قوله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) ، فإنه لا تناقضَ فيه من وجوه:

أولها: أن العمومَ لا صيغةَ له بمقولةِ الذنوبِ جميعا ولو وصله بقوله

كلّها وسائرها وقليلها وكثيرها وصغيرها وكبيرها، لم يكن ذلك أجمعُ مفيداً

<<  <  ج: ص:  >  >>