والحاء، أي احترقوا، وزنا ومعنى، والمحش احتراق الجلد وظهور العظم، وقال القاضي عياض: ضبطناه عن بعض شيوخنا بضم التاء وكسر الحاء، بالبناء للمجهول، ويبعده أنه لم يعرف في اللغة امتحشه متعديا.
(فيصب عليهم ماء الحياة) في الرواية الثالثة "فيلقيهم في نهر، في أفواه الجنة، يقال له نهر الحياة" وفي تسمية الماء والنهر بالحياة إشارة إلى أنهم لا يحصل لهم الفناء بعد ذلك.
(فينبتون منه كما تنبت الحبة في حميل السيل)"الحبة" بكسر الحاء وتشديد الباء، بذر البقول والعشب تنبت في البراري وجوانب السيول وجمعها حبب، بكسر الحاء وفتح الباء، وأما الحبة بفتح الحاء فهي ما يزرعه الناس، وجمعها حبوب "وحميل السيل" بفتح الحاء وكسر الميم، هو ما جاء به السيل من طين أو غثاء، وفي الرواية الخامسة "كما تنبت الحبة إلى جانب السيل" وفي رواية "كما تنبت الغثاءة" بضم الغين بعدها ثاء وهي في الأصل كل ما حمله السيل، من عيدان وورق وغيرها، والمراد به هنا ما حمله من البذور خاصة. وفي رواية "إلى جانب السيل" والمراد أن الغثاء الذي يجيء به السيل يكون فيه الحبة، فيقع في جانب الوادي فتصبح من يومها نابتة، وفي رواية "في حمئة السيل" بعد الميم همزة وقد تشبع كسرة الميم، فيصير بوزن عظيمة، وهو ما تغير لونه من الطين، وخص بالذكر لأنه يقع فيه النبت غالبا.
قال ابن أبي جمرة: في هذا التشبيه إشارة إلى سرعة نباتهم لأن الحبة أسرع في النبات من غيرها، وفي السيل أسرع، لما يجتمع فيه من الطين الرخو الحادث مع الماء، مع ما خالطه من حرارة الزبل المجذوب معه. اهـ.
وقال النووي: المراد التشبيه في سرعة النبات وحسنه وطراوته. اهـ.
(فإنه قد قشبني ريحها) بفتح القاف والشين المخففة، وحكي تشديدها، ومعناه: سمني وآذاني وأهلكني، يقال: قشبه الدخان إذا ملأ خياشيمه وأخذ بكظمه، وأصل القشب خلط السم بالطعام، يقال: قشبه إذا سمه، ثم استعمل فيما إذا بلغ الدخان والرائحة منه غايته.
(وأحرقني ذكاؤها) بفتح الذال، وبالمد، ومعناه لهيبها واشتعالها وشدة وهجها، وفي رواية "ذكاها" بالقصر، وهو الأشهر في اللغة حتى قال بعضهم: إن الذكاء بالمد لم يأت في النار، وإنما جاء في الفهم والفطنة.
(هل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره)"عسيت" بفتح السين وكسرها لغتان، والتاء للخطاب، و"أن تسأل" خبر "عسى" وجواب الشرط محذوف دلت عليه الجملة، أي إن أعطيتك يتوقع منك السؤال، والمعنى: هل يتوقع منك سؤال شيء غير ذلك، والاستفهام تقريري، لأن ذلك عادة بني آدم، والترجي راجع للمخاطب، لا إلى الرب، وهو من باب إرخاء العنان إلى الخصم ليبعثه ذلك على التفكر في أمره والإنصاف من نفسه.