قال: فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام (يعني الذي يبعثه الله فيه؟ ) قلت: نعم. قال: فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يخرج الله به من يخرج قال: ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه. قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك. قال: غير أنه قد زعم أن قوما يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها. قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم. قال: فيدخلون نهرا من أنهار الجنة فيغتسلون فيه. فيخرجون كأنهم القراطيس. فرجعنا قلنا: ويحكم! أترون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فرجعنا. فلا والله! ما خرج منا غير رجل واحد - أو كما قال أبو نعيم.
٣٤٤ - عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يخرج من النار أربعة فيعرضون على الله. فيلتفت أحدهم فيقول: أي رب! إذ أخرجتني منها فلا تعدني فيها. فينجيه الله منها".
-[المعنى العام]-
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أصحابه باليوم الآخر وما يقع فيه من الأهوال، وفي ليلة مقمرة بدرها يسطع في السماء حدثهم صلى الله عليه وسلم عن الحشر، وعن قول الله: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، وقول المسلمين: هذا مكاننا حتى نرى ربنا. حينئذ سأل أحد الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر، فقال: إنكم ستعرضون على ربكم، فترونه كما ترون هذا القمر، هل يضر بعضكم بعضا إذا نظرتم إلى القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا، يا رسول الله. قال: وهل يزاحم بعضكم بعضا ويؤذيه حين ترون الشمس في وسط السماء ليس دونها سحاب! قالوا: لا، يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه بسهولة ويسر ووضوح كما ترون القمر ليلة البدر وكما ترون الشمس ليس دونها سحاب.
ثم أخذ يحدثهم عن هذه الرؤية وعن ظروفها ووقتها، فقال: يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، وفي مكان واحد، في أرض واسعة مستوية، لا يخفى منهم أحد، لو دعاهم داع لسمعوه، ولو نظر إليهم ناظر لأدركهم، يقومون أربعين عاما، شاخصة أبصارهم إلى السماء لا يكلمهم ربهم، والشمس على رءوسهم، حتى يلجم العرق كل بر منهم وفاجر، غير أنه يخفف على المؤمن، فيكون ذلك اليوم أقصر عليه من ساعة من نهار، حتى إذا أذن جل شأنه بالانصراف من هذا الموقف، تطايرت الصحف وتم العرض والميزان، ونادى مناد: من كان يعبد شيئا فليتبعه، أيها