للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ أبو القاسم الراغب - رحمه الله -:

هذا آخر ما قصدت تبيينه من هذا المعنى، وأختم القول بحمد اللَّه تعالى، والثناء عليه، والتضرع إليه في أن ينفعني وإخواني بما تحريته، ويجعلني ممن تذكر فذكر، وتبصر فبصر، واتعظ فوعظ، وتيقظ فأيقظ، فأعظم الهجنة أن يأمر من لم يأتمر، ويزجر من لا ينزجر، وأن يدعي الحكمة من إذا

تلقته المحاسن لا تجتبيه، وإذا تلقته المساوئ لا تجتويه، يرى القذاة في عيون إخوانه فينكرها، ويترك الجذع المعترض في أجفانه لا يغيره، ينصح غيره ويغش نفسه:

كمن كسا الناس من عري وعورته ... للناس بادية ما إن يواريها

وكالمسن الذي يشحذ الحديد ولا يقطع، وكالحجر الصلد الذي يمر به الماء النافع فلا ينتفع هو به.

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " إن اللَّه تعالى يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم " (١) .

فنرغب إليه تعالى أن يجعلنا برحمته ممن ائتمر لنبيه - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: " اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك " (٢) .

فما أعظم في القيامة الحسرة والندامة إن لم يتغمدني اللَّه برحمته التي وسعت كل شيء، فسهِّل يا رب المجاز، ويسِّر لي الجواز، فقد حان حصادي وإن لم يصلح فسادي ولم يحصل رشادي،

اللهم صل على خاتم النبيين محمد وآله أجمعين.

وحسبنا اللَّه ونعبم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، أفضل ما صليت على أحد من خلقك صلاة لا تنقضي أبدًا، ولا تحصى عددًا. واغفر لكاتبه ولصاحبه ولوالديه ولجميع المسلمين، ولمن قال آمين يا رب العالمين.


(١) رواه النسائي من حديث أنس بإسناد صحيح.
(٢) " اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك " أخرجه الإمام أحمد والنسائي وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في الشعب عن عمرو
بن ميمون مرسلاً، والحاكم والبيهقىِ في الشعب عن ابن عباس مرفوغا، قال الحاكم: على شرطهما، وأقره الذهبي، ورمز السيوطي لصحته، وتعقبه المناوي بأن فيه جعفر بن بلقان، أورده الذهبي في الضعفاء
والمتروكين.
قال فيه ابن حجر: صدوق يهم في حديث الزهري. البيان والتعريف لابن حمزة الحسيني الحنفي
والدمشقي (٢٦٤) الجزء الأول. تحقيق د. الحسينىِ هاشم. (طبعة دار الكتب الحديثة بمصر) .

<<  <   >  >>