للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن أبي عليٍّ الجُبَّائيِّ (ت:٣٠٣) أنَّه فسَّرَ الحجارةَ بالبردِ الذي يهبطُ من السحابِ تخويفاً من الله تعالى لعباده، ليزجُرَهم به (١).

قال الإمامُ ابن كثيرٍ (ت:٧٧٤): «قال القاضي الباقلاَّنيُّ (٢): وهذا تأويلٌ بعيدٌ (٣)، وتبعه في استبعاده فخر الدِّين الرَّازي (٤)، وهو كما قالا، فإنَّ هذا خروج عن ظاهر اللَّفظِ بلا دليلٍ، والله أعلم» (٥).

ولستَ تجدُ في لغةِ العربِ أنَّه يطلقُ على الحجارة البَرَدُ أو العكس (٦)، ولمَّا كانَ أبو عليٍّ الجُبَّائيِّ (ت:٣٠٣) لا يرى وجودَ الإحساسِ في الجماداتِ،


(١) ينظر: مفاتيح الغيب (٣:١٢١)، وتفسير ابن كثير (١:٢٠٤ - ٢٠٥)، وقال عنه الماوردي: «وهذا قول تفرَّد به بعض المتكلمين». النكت والعيون (١:١٤٦)، وكذا حكاه الوزير المغربي عند الآية نفسها في كتابه المصابيح في تفسير القرآن، ورقة: ١٩، وجعله الكرماني من العجيب. غرائب التفسير (١:١٥١).
(٢) محمد بن الطيب بن محمد، أبو بكر الباقلاني، القاضي الأشعري المتكلم، وكان سريع البديهة، له قصص في ذلك مشهورة، منها ما كان من إرساله إلى ملك الروم، وقد صنَّف في الردِّ على الرافضة والمعتزلة والخوارج وغيرهم، ومن كتبه: إعجاز القرآن، توفي سنة (٤٠٣)، ينظر: تاريخ بغداد (٥:٣٧٩ - ٣٨٣)، شذرات الذهب (٣:١٦٨ - ١٧٠).
(٣) نقله عن الرازي في تفسير مفاتيح الغيب (٣:١٢١).
(٤) لم ينصَّ الرازي على استبعاده، إلاَّ أن قلتَ: إنَّ نقله قولَ القاضي وعدم الاعتراضِ عليه دليلُ على اتباعه له، والله أعلم.
والرَّازي: محمد بن عمر بن الحسين، المعروف بالفخر الرازي، الأصولي، كان أشعريًّا فيلسوفاً، ثمَّ ترك هذه العقائد آخر عمره، وله وصية مشهورة في ذلك، وقد كان كثير التصنيف، ومن تصانيفه كتاب التفسير الكبير، المسمى: مفاتيح الغيب. توفي سنة (٦٠٦)، ينظر: سير أعلام النبلاء (٢١:٥٠٠ - ٥٠١)، والوافي بالوفيات (٤:٢٤٨ - ٢٥٩).
(٥) تفسير القرآن العظيم، تحقيق: السلامة (١:٣٠٥).
(٦) ينظر مثلاً: الروايات الواردة عن السلف في تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٢:٢٣٩ - ٢٤١)، وينظر: مادة (حجر) ومادة (برد) في لسان العرب وتاج العرس، فإنه لم يرد فيها هذا المعنى الذي ذكره الجبَّائي.

<<  <   >  >>