(٢) ومن ذلك ما ذكره ابن قتيبة (ت:٢٧٦) من مناقشة دارت بين معتزليين في العلم الإلهي، قال: «وسأل آخرٌ آخرَ عن العلم، فقال: أتقول: إنَّ سميعاً في معنى عليم؟ قال: نعم. قال: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} [آل عمران: ١٨١]، هل سمعهم حين قالوه؟. قال: نعم. قال: هل سمعهم قبل أن يقولوا؟. قال: لا. قال: فهل علمه قبل أن يقولوه؟. قال: نعم. قال له: فأرى في سميع معنًى غير معنى عليم. فلم يُجِب. قال أبو محمد: قلت له وللأول [هو رجل معتزلي آخر حكى مناظرته قبل هذه]: قد لزمتكما الحجة، فلم لا تنتقلان عما تعتقدان إلى ما ألزمتكما الحجة؟ فقال أحدهما: لو فعلنا ذلك لانتقلنا في كلِّ يومٍ مرات. وكفى بذلك حيرة! قلت: فإذا كان الحق إنما يعرف بالقياس والحجة، وكنت لا تنقاد لها بالاتباع كما تنقاد بالانقطاع، فما تصنع بهما؟ =