للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فريقٌ غلبتْ عليه الشَّهواتُ، وإنْ لم يَخْلُ حالُهم من الشُّبَهِ، فهم يريدونَ الانفلاتَ منْ أوامرِ الدِّينِ، وعدمِ التَّقيُّدِ به، ويغلبُ على هؤلاءِ أنهم من الشُّعراءِ؛ كحَمَّاد عَجْرَدَ (١٦١) (١)، وغيرِه ممن اتُّهِمَ منهم بالزَّنْدَقَةِ (٢).

وفريقٌ أصحابُ شبهاتٍ ومناقشاتٍ وجدلٍ وإن كانَ لا يَخْلُو منْ شَهْوَةٍ في زَنْدَقَتِهِ، لكنْ غلبَ عليه جانبُ الجدلِ والمناظرةِ، وكانَ هذا الفريقُ أكثرَ أثراً من فريقِ الشَّهَوَاتِ.

وممن ذُكِر له مناظراتٌ من الفريقِ الأوَّلِ: الشاعرُ صالحُ بنُ عبدِ القدوسِ (ت:١٦٧) (٣)، الذي قتله الخليفةُ العبَّاسيُّ المهديُّ (ت:١٦٩) (٤) بتهمة الزَّندقة، وقد


=
وقد صار هذا المصطلحُ يُطلقُ على المتحللين من الشرعِ الذين يدَّعونَ بقاءهم عليه، وهم يبطنون الكفر، وقيل غير ذلك. ينظر: رسالة في تحقيق تعريب الكلمة الأعجمية، لابن كمال باشا (ص:٦٨ - ٧٥).
وهذا المصطلحُ من المصطلحات التي تحتاج إلى دراسةٍ وتحريرٍ، إذ فيه غموضٌ في أصله، وعلى من يُطلقُ، وإذا كان بمعنى النفاقِ، فلمَ لا يُقالُ بدلاً عنه المصطلحَ الشرعيَّ؛ أي: المنافق.
(١) حماد بن عمر بن يونس، مولى بني سَوءة بن عامر بن صعصعة المشهور بحماد عجرد، شاعر مخضرم، قيل: كان بالكوفة ثلاثة نفر يقال لهم الحمادون: حماد عجرد وحماد الرواية وحماد بن الزبرقان، يتنادمون، ويتعاشرون معاشرةٍ جميلة، ويتناشدون الأشعار، وكانوا كأنهم نفسٌ واحدة، وكانوا يرمون بالزندقة جميعاً، توفي بالبصرة سنة (١٦١).
ينظر: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (٨:٢٩٦)، ومعجم الأدباء (١٠:٢٤٩ - ٢٥٤).
(٢) المنتظم (٨:٢٩٧).
(٣) صالح بن عبد القدوس، أبو الفضل البصري، كان حكيم الشعراء، زنديقاً متكلماً، يقدمه أصحابه في الجدال عن مذاهبهم، توفي سنة (١٦٧). ينظر: تاريخ بغداد (٩:٣٠٣ - ٣٠٥)، ولسان الميزان (٣:١٧٣)، وقد ذُكِرَ له مناظرات مع أبي الهذيل العلاّف، ينظر: المنتظم (٨:٢٨٧).
(٤) المهدي، أبو عبد الله محمد بن المنصور كان جواداً، مُمَدَّحاً، وَصُولاً لأقاربه، حسن الأخلاق، قصَّاباً في الزنادقة، باحثاً عنهم، توفي سنة (١٦٩). ينظر: سير أعلام النبلاء (٧:٤٠١)، وشذرات الذهب (١:٢٦٦ - ٢٦٩).

<<  <   >  >>