وَكَانَ للْإِمَام السراج أخوانان أَحدهمَا إِسْمَاعِيل وَالثَّانِي إِبْرَاهِيم، وَإِسْمَاعِيل كَانَ ثِقَة عَالما مُخْتَصًّا بِأَحْمَد بن حَنْبَل توفّي سنة ٢٨٦، وَكَذَا أَخُوهُ إِبْرَاهِيم كَانَ شَيخا إِمَامًا ثِقَة نزل بَغْدَاد وَأقَام بهَا إِلَى حِين وَفَاته، وَهُوَ أكبر أخوانه توفّي سنة ٢٨٣، وَكَانَ الإِمَام السراج أَيْضا بِبَغْدَاد، وَلما توفّي أَخُوهُ إِبْرَاهِيم رَجَعَ إِلَى نيسابور، وَقد ذكر الْخَطِيب وَغَيره عَن أبي الْوَلِيد حسان بن مُحَمَّد الْفَقِيه يَقُول: سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس السراج يَقُول: وَا أسفا على بَغْدَاد. فَقيل لَهُ: مَا الَّذِي حملك على الْخُرُوج مِنْهَا؟ قَالَ: أَقَامَ بهَا أخي إِسْمَاعِيل خمسين سنة، فَلَمَّا توفى وَرفعت جنَازَته سَمِعت رجلا على بَاب الدَّرْب يَقُول للْآخر: من هَذَا الْمَيِّت؟ قَالَ: غَرِيب كَانَ هَاهُنَا، فَقلت: إِنَّا لله، بعد طول مقَام أخي بهَا، واشتهاره بِالْعلمِ وَالتِّجَارَة يُقَال: غَرِيب كَانَ هَاهُنَا، فحملتني هَذِه الْكَلِمَة على الِانْصِرَاف إِلَى الوطن، وَمَعَ ذَلِك كَانَ رَحمَه الله يذكر بغداداً وَيَقُول عِنْد حركاته إِذا قَامَ أَو قعد: يَا بَغْدَاد! وَا أسفي على بَغْدَاد، مَتى يقْضى لي الرُّجُوع إِلَيْك.
وَكَانَ رَحمَه الله طلاباً للْعلم وَقد قيل لَهُ وَهُوَ يكْتب فِي كهولته عَن يحيى بن أبي طَالب: إِلَى كم هَذَا؟ فَقَالَ: أما علمت أَن صَاحب الحَدِيث لَا يصبر.
مصنفات الإِمَام السراج
وَقد صنف الإِمَام السراج كتبا كَثِيرَة كَمَا قَالَ الْخَطِيب، لَكِن الأسف لم نطلع على مصنفاته أَكثر من عشرَة كتب مِنْهَا:
(١) كتاب التَّارِيخ: ذكره الْخَطِيب والذهبي وَغَيرهمَا وَقَالَ السخاوي فِي الإعلان (ص٣٠٦) : إِنَّه فِي الْكَلَام فِي أَحْوَال الروَاة. وَقد يذكر الْحَافِظ كثيرا عَنهُ وفيات الْمُحدثين ورواة الحَدِيث كَمَا لَا يخفى على من طلع التَّهْذِيب والإصابة، بل وَيذكر عَنهُ أَحْيَانًا وَالتَّعْدِيل، وَقد اقتبس عَنهُ الْخَطِيب فِي تَارِيخه ٢٣٦ موضعا،