فإنْ احتج مبتدعٌ، أو زنديقٌ بقول اللَّهِ عزَّ وجل:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص: ٨٨] وبنحو هذا من متشابه القرآن، قيل له: كلُّ شيءٍ ممَّا كتب اللَّهُ عليه الفناء والهلاك هالك، والجنَّة والنَّار خلقتا للبقاءِ لا للفناءِ ولا للهلاكِ، وهما من الآخرة لا من الدنيا، والحور العين لا يَمُتْنَ عند قيام الساعة، ولا عند النفخة، ولا أبدًا؛ لأنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ خلقهنَّ للبقاءِ، لا للفناءِ، ولم يكتب عليهنَّ الموت، فمن قال خلاف هذا فهو مبتدع، وقد ضلَّ عن سواء السبيل.
وخلق سبع سماوات، بعضها فوق بعضٍ، وسبع أرضين، بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمس مائة عام، وبين كلِّ سماءٍ إلى سماءٍ مسيرة خمس مائة عام، والماء فوقُ السَّماء العليا السَّابعة، وعرش الرحمن عزَّ وجلَّ فوق الماء، واللَّهُ عزَّ وجلَّ على العرشِ، والكرسي موضع قدميه، وهو يعلم ما في السماوات والأرضين السبع، وما بينهما، وما تحتَ الثَّرى، وما في قَعْرِ البحر، ومنْبَت كلِّ شعرةٍ وشَجَرة، وكل زرعٍ وكل نباتٍ، ومسقط كلِّ ورقة، وعدد كل كلمة، وعدد الرَّملِ والحصَى والتراب، ومثاقيلِ الجبالِ، وأعمالِ العباد، وآثارهم وكلامهم وأنفاسهم، ويعلمُ كلَّ شيء لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حُجُبٌ من نارٍ ونورٍ وظُلمةٍ، وما هو أعلم بها.