وقالت الحنفية: إن اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء فهو كافر، وإن اعتقد أنه تخييل وتمويه لم يكفر.
وقالت الشافعية: يصفه فإن وجدنا فيه كفراً كالتقرب للكواكب ويعتقد أنها تفعل فيلتمس منها فهو كفر، وإن لم نجد فيه كفراً، فإن اعتقد إباحته فهو كفر.
قال الطرطوشي: وهذا متفق عليه؛ لأن القرآن نطق بتحريمه، واحتج من لا يقول: إن تعلمه كفر، بأن تعلم الكفر ليس بكفر، فإن الأصولي يتعلم جميع أنواع الكفر ليحذر منه ولا يقدح في شهادته ومأخذه، فالسحر أولى أن لا يكون كفراً، ولو قال الإنسان: أنا تعلمت كيف يكفر بالله لأجتنبه، أو كيف الزنا أو أنواع الفواحش لأجتنبها لم يأثم.
قال القرافي: هذه المسألة في غاية الإشكال على أصولنا، فإن السحرة يعتمدون أشياء تأبى قواعد الشريعة أن نكفرهم بها كفعل الحجارة المتقدم ذكرها قبل هذه المسألة كذلك يجمعون عقاقير ويجعلونها في الأنهار والآبار أو في قبور الموتى أو في باب يفتح إلى الشرق، ويعتقدون أن الآثار تحدث عن تلك الأمور بخواص نفوسهم التي طبعها الله تعالى على الربط بينها وبين تلك الآثار عند صدق العزم، فلا يمكننا تكفيرهم بجمع العقاقير ولا بوضعها في الآبار ولا باعتقادهم حصول تلك الآثار عند ذلك للفعل؛ لأنهم جرّبوا ذلك فوجدوه لا يخرم عليهم لأجل خواص نفوسهم، فصار ذلك الاعتقاد كاعتقاد الأطباء عند شرب الأدوية وخواص النفوس، ولا يمكن التكفير بها لأنها ليست من كسبهم، ولا كفر بغير مكتسب.
وأما اعتقادهم أن الكواكب تفعل ذلك بقدرة الله فهذا خطأ؛ لأنها لا تفعل ذلك، وإنما جاءت الآثار من خواص نفوسهم التي ربط الله تعالى بها تلك الآثار