عن ابن مسعودٍ، قال: صَلّى رسولُ الله ﷺ العِشاءَ، ثُمَّ انْصرَفَ فأخَذَ بيدِ عَبد اللهِ بن مسعودٍ حتَّى خَرجَ بهِ إلى بَطْحاءِ مَكَّةَ، فأجْلسَه ثُمَّ خَطّ عليه خَطًّا، ثمَّ قال:"لا تَبْرحنَّ خَطَّكَ، فإنَّهُ سَيَنتهي إليكَ رِجالٌ، فلا تُكَلِّمْهُم، فَإنهُم لن يكلموكَ"، ثُمَّ مَضى رسولُ الله ﷺ حيث أراد.
فبينا أنا جالسٌ في خَطِّي إذ أتاني رجالٌ كأنَّهم الزُّطُّ أشْعارُهُم وأجسامُهم، لا أرَى عَورةً ولا أرَى قِشْرًا، ويَنْتهُونَ إليَّ لا يجاوِزُونَ الخَطَّ، ثمَّ يَصدُرُونَ إلى رسولِ اللهِ ﷺ، حتَّى إذا كانَ من آخر اللّيْلِ، لكن رسولُ اللهِ ﷺ جاءَني وأنا جالسٌ، فقال:"لقد أراني مُنْذُ اللّيْلةِ" ثُمَّ دَخلَ عليَّ في خَطِّي فتوسَّدَ فخذِي فرقَدَ وكان رسولُ اللهِ ﷺ إذا رَقدَ نَفخَ.
فبينا أنا قاعدٌ ورسولُ الله ﷺ مُتوَسِّدٌ فخذِي إذا أنا بِرجالٍ عليهم ثِيابٌ بِيضٌ اللهُ أعلمُ ما بِهم من الجَمالِ، فانْتَهوْا إليه، فجلسَ طائفةٌ مِنْهم عندَ رأْس رسولِ اللهِ ﷺ وطائفةٌ مِنْهُم عند رجليهِ.
ثُمَّ قالُوا بَينهُم: ما رَأيْنا عَبدًا قَطُّ أُوتِي ما أُوتِي هذا النّبيُّ، إنَّ عَيْنيهِ تَنامانِ وقَلْبهُ يَقْظانُ، اضربوا له مَثلًا مَثلَ سَيِّدٍ بَنَى قَصرًا ثمَّ جَعلَ مائدةً، فدعَا النَّاسَ إلى طَعامِه وشَرابه، فمن أجابَه أكَلَ من طَعامِه وشَرِبَ من شَرَابِه، ومن لم يُجِبْهُ عاقبهُ، أو قال: عَذّبهُ، ثُمَّ ارْتَفعُوا.
واسْتيقظَ رسولُ الله ﷺ عند ذلكَ، فقال: "سمَعتَ ما قال