قال أبو عبيدة: قال أعين بن لبطة: فدخل الفرزدق على الحجاج بن يوسف، فقال له الحجاج:
أتزوجت نصرانية على مائه بعير؟ فقال له عنبسة بن سعيد: إنما ذلك ألفا درهم. فقال الحجاج: ليس
غير يا أبا كعب، أعطه ألفى درهم. قال: فقدم الفضيل العنزي - ويكنى بأبي بكر - بصدقات بكر بن
وائل، وكان له في الفرزدق هوىً، فاشترى منه الفرزدق مائة فريضة بألفين وخمسمائة درهم فقال
للفرزدق: أثبتها لي في أدائي عند أبي كعب. فأتى الفرزدق أبا كعب، فأخبره الخبر. فقال له: أمهل
فإن، هاهنا، خمسمائة درهم، فصَلّ مع الأمير الظهر؛ وأخبره أنك اشتريت من الفضيل مائة فريضة
بألفين وخمسمائة. على أن تُثبتها له في أدائه، فإنه قد نسى. ففعل الفرزدق ذلك. فقال الحجاج: ادعُ يا
سرجس، يعني أبا كعب. قال أعين ابن لبطة: وقال الفرزدق: فرجّبته أن أناديه باسم يكرهه، فسمعها
أبو كعب. وقال: لبيك. وأقبل فقال: أثبت للفضيل ألفين وخمسمائة درهم. وقال فدخل فقلت لأبي
كعب: تعلم والله أنه قد قال لي، فأبيت أن أدعوك. فقال: قد سمعت. وقال بعد: أخزاه الله ما آذاه
للصاحب. وقال الحرمازي: قال له أبو كعب: أصلحك الله، وإنما هي فرائض بألفي درهم. قال:
كذلك! قال: نعم. قال: يا أبا كعب، أعطه ألفي درهم. فاشتريت منه مائة بألفي درهم وخمسمائة درهم،
على أن أثبتها له في الديوان. وإنما أمر له الحجاج بألفي درهم. قال: فصليت معه الظهر، حتى إذا
سلّم، خرجت فوقفت في الدار، فرآني فقال: مهيم. فطالعته فقلت: إنّ الفضيل العنزي قدم بصدقة بكر
بن وائل، فاشتريت منه مائة بألفين وخمسمائة درهم، على أن تُحسب له. فإن رأى الأمير أن يأمر
بإثباتها له. فقال: ادعُ سرجس - وهو اسم أبي كعب - قال: فناديت يا سرجس. فأجاب. فأمره أن
يُثبت للفضيل