تدرون أفي معصية أنتم أم في طاعة، لم يجب مالا، ولم يستفئ فيئا، ولم ينك عدوا، ثم بنوه من بعده،
كأطباء الكلبة، منهم ابن دحمة حصانا تبارى له النساء صباح مساء. وجئتكم أنا، فانظروا كيف نعمة
الله اليوم منها قبل ذلك، وأين ما أنتم فيه اليوم مما كنتم فيه قبل؟ ألست أعظم منا عليكم من حنيف
الحناتم؟ ألست أغزيكم فلا أجمركم - معناه لا أحبسكم - فقد ترون ما أصبحتم فيه، إن الظعينة
لتخرج من مرو إلى سمر قند في غير جوار، فأرم القوم سكوتا، ما يحير أحد منهم جوابا. ثم قال: يا
معشر أهل خراسان أتيتكم وأنتم رجلان، رجل عند جرته - قال أبو عبد الله جرته بفتح الجيم - إن
هدرت هدر، وإن استقرت استقر. عليكم يزيد بن المهلب، لا بل ينقص لا يزيد، حمارا نهاقا ينهق
كلما برق له الصبح نهقة أو اثنتين، ثم التفت فإذا حوله من الصغد - والسغد يقال بالسين والصاد -
أربعة آلاف في الحديد، فقال: والله إن في هؤلاء لمنتصرا للدين، ومقارعة عن حريم المسلمين، قال:
ثم نزل فدخل رواقه ولبس قميصا وملحفة سابريين، ثم أمر بأبناء السغد، يعرضون عليه في السلاح،
معهم السيوف والخناجر ن وقد قتل آباءهم. قال: فعرض عليه أربعة آلاف منهم، ثم قال: ذهب الفتك
من السغد سائر الدهر. كأنه استقتل، فهمت به القبائل جمع. قال: وقد كان بعث إلى ذراري الذين معه
ليحوزهم إلى مدينة سمر قند دون فرغانة، ويأخذهم رهائن، فحشرهم حماد بن مسلم خليفته قال، وقال
زهير بن الهنيد فحدثني عمي المهلب ابن إياس بن زهير بن حيان بن قميئة، أنه لما بعث إلى
ذراري من معه، منع الناس وقطع نهر بلخ ن وبين عسكره وبين المفازة سبعون فرسخا، واستعمل
على ذلك مولى له يقال له بندة الخوارزمي، فنزل دون النهر إلى العراق، وجمع المعابر فحرقها. قال
زهير وكان مع قتيبة