للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أشار أبوالعلاء في إحدى مواضع الشرح إلى ما يمكن وضعه تحت قانون المماثلة السابق. قال عند قول أبي تمام:

تَؤُمُّ شِهابَ الحَربِ حَفصًا وَرَهطُهُ ... بَنوالحَربِ لا يَنبوثَراهُم وَلا يُكدي [بحر الطويل]

((... ((تؤم شهاب الأزد)) (١)، وذكر ابن السكيت أن الأُسْد بالسين أجود، وغيره يقولها بالزاي، ويجب أن يكون الأصل بالسين؛ لأن الدال إذا وقعت قبلها السين الساكنة فبعض العرب يحولها إلى الزاي، وكذلك الصاد، وكذلك قالوا في المثل: لم يُحْرَمْ مَنْ فُزْدَ له؛ إذا سكنوا صاد ((فُصِدَ)) على لغة ربيعة)) (٢).

وإشارة أبي العلاء السابقة تقع عند علماء الأصوات تحت قانون المماثلة، وتحديدا ما يسميه علماء الأصوات ((التأثر المُدبِر الجزئي في حالة الاتصال)

((أي: تأثير حرف لاحق على حرف سابق عليه تأثيرا جزئيا)) (٣). قال علماء الأصوات: ((في اللهجات العربية القديمة تتحول الصاد قبل الدال إلى زاي. مثل: ((يَزْدُق)) في ((يصدق)))) (٤).

وإشارة أبي العلاء السابقة تدل على وجود قوانين صوتية تحكم تجاور الأحرف داخل بنية الكلمة.

وقانون المماثلة الصوتي يقدم تفسيرا علميا مقبولا يمكن من خلاله تفسير إبدال بعض الحروف بغيرها في بعض الكلمات، فمثلا: ((اتصل، اصطبر، اضطرب،


(١) هذه رواية أبي العلاء للبيت.
(٢) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٢/ ١٢٠ب٧]
(٣) التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه: د. رمضان عبد التواب، ص٣٤. ولا يقتصر التأثير على الحروف فيما بينها ((بل نراها بين الحركات، وأحيانا بين الحركات والصوامت))، ينظر: اللغة العبرية، تطبيقات في المنهج المقارن: د. محمد صالح توفيق، ص٢٧، [دار الهاني للطباعة، ٢٠٠٤]
(٤) التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه: د. رمضان عبد التواب، ص٣٤، ومما تجدر الإشارة إليه أن د. رمضان عبد التواب قال: ((ولم يعين اللغويون القبيلة التي ينتمي إليها هذا الإبدال)).

<<  <   >  >>