للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوفيق لنظائره وأمثاله بعد انقضائه، وأن يعلم أن انقضاء موسم ذلك العمل يعني استجماع عدوِّه قوتَهُ في حبسه عن المزيد من ذلك العمل، حتى يجمع العدو اللعين كل الموانع والقواطع عن الصيام والقيام وتلاوة القرآن، فيحصل بعد رمضان انحدار شديد لما كان من الأعمال الصالحة بذهابها وفواتها.

خامسًا: بالاستعانة بالله لدفع الشواغل:

فحق تلك الأعمال التي أوتيتموها وأعانكم الله عليها أن تحذروا لها من مكايد العدو المتربص بها، حتى إذا جمع الشواغل، وكَثَّر الهموم والموانع والقواطع؛ كان عندكم من استعانتكم بالله -عز وجل-، واستمدادكم لقوته، كان عندكم من ذلك ما يدفع الشواغل والموانع والقواطع، وإلا فإن أي استسلام لذلك يعني ذهاب رمضان وانقطاعه بأعماله الصالحات، ويعني رجوع العبد إلى مرذول عاداته وسئ مألوفاته التي هي حبسٌ عن الله -عز وجل-، وانقطاعٌ عن السير إليه، وتقصيرٌ في تحصيل أسباب النجاة.

إخوتاه ..

اعلموا أن الراحة لا تُنال بالراحة، ومعالي الأمور لا تُنال بالفتور، ومن زرع حصد، ومن جد وجد.

لله دَرُّ أقوامٍ شغلهم تحصيلُ زادهم عن أهاليهم وأولادهم، ومال بهم ذِكرُ المآل عن المال في معادهم، وصاحت بهمُ الدنيا فما أجابوا شُغْلًا بمرادهم، وتوسدوا أحزانهم بدلًا من وسادهم، واتخذوا الليل مسلكًا لجهادهم واجتهادهم، وحرسوا جوارحهم من النار عن غيِّهم وفسادهم.

أقبلت قلوبهم ترعى حَقَّ الحَقِّ؛ فذهلت بذلك عن مناجاة الخلق.

فالأبدان بين أهل الدنيا تسعى، والقلوب في رياض الملكوت ترعى.

<<  <   >  >>