حبب عبيدك هذا - يعني أبي هريرة - وأمه، إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهما المؤمنين، فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني، إلا أحبني).
وقد ذكره البرقاني وأبي مسعود، وفيه:(والله ما خلق الله مؤمنا يسمع بي ولا يراني إلا أحبني) قلت: وما علمك بذلك يا أبا هريرة. قال: إن أمي كانت امرأة مشركة، وكنت أدعوها إلى الإسلام فتأبى علي)].
* في هذا الحديث من الفقه: أن أبا هريرة، كان من توفيقه أنه لما كانت أمه تسمعه ما يكره على إسلامه، لم يقابلها بمثله، ولكنه أتى الأمر من بابه، وطلب الفضل من أهله، ورأى أن يطلب لها الخير على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ليكون قد بلغ ما أراده في بر والدته، فطلب لها (٧٤/ب) من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جرى به قدر الله، لأن الله تعالى جعل إسلامها آية دالة على صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسالته؛ ليعلم كل سامع هذا الحديث أن النار لا تطفئ بمثلها من النار، ولكن بالماء، ويستدفع السوء بالدعاء، وتطلب المستصعبات من القادر على الأشياء.
ألا ترى أنه لما طلب ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجابه، كان إسلام أمه في وقته، فهدى الله أمه ببركته وتوفيقه لسؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، كما أنه وفقه لأن يطلب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلبا يعم سائر أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في كل من أحبه، فهذا يدل على أن أبا هريرة مع دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن آية الإيمان حبه؛ فإذا رأيت أحدا من الناس لا يحب أبا هريرة بعد هذا الحديث فاتهمه.