للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: تثبتوا، فالآية تدل على أنه يجب الكف عنه والتثبت، فإذا تبين منه بعد ذلك ما يخالف الإسلام قتل لقوله: ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾، ولو كان لا يقتل إذا قالها لم يكن للتثبت معنى، وكذلك الحديث الآخر وأمثاله، معناه ما ذكرناه: أن من أظهر الإسلام والتوحيد وجب الكف عنه، إلى أن يتبين منه ما يناقض ذلك.

والدليل على هذا: أن رسول الله الذي قال: «أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟»، وقال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلى الله»، هو الذي قال في الخوارج: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم» (١)، «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عادٍ» (٢)، مع كونهم من أكثر الناس عبادة وتهليلًا وتسبيحًا، حتى إن الصحابة يحقرون صلاتهم عندهم، وهم تعلموا العلم من الصحابة فلم تنفعهم لا إله إلا الله، ولا كثرة العبادة، ولا ادعاء الإسلام لما ظهر منهم مخالفة الشريعة.

وكذلك ما ذكرناه من قتال اليهود، وقتال الصحابة بني حنيفة، وكذلك أراد النبي أن يغزو بني المصطلق لما أخبره رجل أنهم منعوا الزكاة، حتى أنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات: ٦] وكان الرجل كاذبًا عليهم (٣).

وكل هذا يدل على أن مراد النبي في الأحاديث التي يحتج بها ما ذكرناه.


(١) رواه البخاري (٣٦١١) من حديث علي .
(٢) رواه البخاري (٣٣٤٤)، ومسلم (١٠٦٤) من حديث أبي سعيد الخدري .
(٣) رواه أحمد ٤/ ٢٧٩، وانظر: تفسير ابن كثير (٧/ ٣٧٠).

<<  <   >  >>