أوجب الله عليه، وما حرم عليه، فإذا علم العبد أن الله حرم كذا، فعليه أن يعرفه ليحذره، كما يجب عليه أن يعلم الواجب ليفعله.
وإن قال إن الشرك هو القصد إلى تلك التماثيل والأحجار والأبنية التي على القبور بالذبح لها ودعائها، والظن بأن الله ينفع ويضر ببركتها؛ فهذا هو الشرك. فإن قال ذلك فقل له: فهذا فعلكم تمامًا، وقد لزمكم أن ما تفعلونه مثل شرك المشركين الأولين في عبادة الأصنام وهو المطلوب.
والضمير في قول المؤلف:«فهذا أقر أن فعلهم … » يحتمل أن يراد به فعل المشركين الأولين عباد الأصنام؛ أي: أن هذا هو عبادة الأصنام، ويحتمل أن يكون المراد بقوله:«أن فعلهم … » أي: فعل أولئك القبوريين، وقصدهم إلى تلك الأبنية التي على القبور، والذبح لها أو دعائها منهم مثل عبادة الأصنام.
فهذا المشرك بعد هذا الحوار قد أقر بأن التعلق على الصالحين شرك، وهو الذي نهى الله تعالى عنه في القرآن، وهذا الإقرار نتيجة لما تقدم؛ يعني: بعد إفهامه والرد على هذه الشبهة، لا بد أن يقر أن التعلق بالصالحين ودعاءهم، والعكوف عند قبورهم؛ هو الشرك الذي بينه الله ونهى عنه في القرآن.
وجواب آخر، هو أن يقال له: قولك «الشرك عبادة الأصنام» إن كان مرادك أن الشرك مخصوص بعبادة الأصنام، وأن الاعتماد على الصالحين ودعاءهم والاستغاثة بهم والتعلق بالملائكة؛ ليس بشرك، فهذا باطل