للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا قال: الدعاء ليس بعبادة، كما قال: الالتجاء إلى الصالحين ليس عبادة، فقل له: أليس الله يقول: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين (٦٠)[غافر]، وفي الحديث: «الدعاء هو العبادة» (١)، وقد أمر الله سبحانه عباده بالدعاء في آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين (٥٥)[الأعراف]، وأثنى على عباده فقال: ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [السجدة: ١٦]، وقال: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء: ٩٠]، فأمر بالدعاء وأثنى على عباده بأنهم يدعونه، وسمى الدعاء عبادة. فإذا تبين أن الدعاء عبادة فقل لهذا المشرك: إذا تبين لك بهذا الدليل أن الدعاء عبادة فإنك إذا دعوت الله ليلًا ونهارًا، ثم دعوت معه غيره؛ ألست قد أشركت معه في عبادته، حيث قد دعوت معه غيره والدعاء عبادة؟ فلا بد - إن كان عاقلًا ومنصفًا - أن يقول: نعم.

وإذا سلم أن الدعاء عبادة، وأنه إن دعا الله ودعا معه غيره؛ فقد أشرك معه في عبادته، فإنه قد اعترف بأن هؤلاء مشركون.

ومن الأمثلة الأخرى التي ذكرها الشيخ: الذبح قال تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر (٢)[الكوثر]، فقد أمر الله في هذه الآية بالصلاة والنحر، وبهذا نعلم أن النحر عبادة؛ لأن الله أمر به، فإذا ذبحت لله ونحرت لله من أضحية أو غيرها، ثم ذبحت لنبي أو جني أو ملك أو صنم؛ أفليس هذا شركًا في العبادة، حيث قد تقرر أن النحر عبادة؟


(١) رواه أبو داود (١٤٧٩)، وصححه الترمذي (٢٩٦٩)، وابن حبان (٨٩٠) من حديث النعمان بن بشير .

<<  <   >  >>