والإله عندهم - يعني: - عند المشركين معناه: المعبود الذي يقصد لهذه الأمور، فيقصد بالخوف والرجاء، والتوكل والرغبة والرهبة ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [العنكبوت: ٦٥]، وهذا هو معنى الإله عند العرب المشركين، وهو عين ما يريده المشركون في الأعصار المتأخرة بلفظ:«السيد»، فإذا قالوا السيد فيعنون الذي يُخاف ويرجى، وهؤلاء المشركون متفرقون في شركهم وفيما يعبدون من دون الله، فلكل أهل طريقة سيد يدعونه ويستغيثون به ويحجون إلى ضريحه؛ كالبدوي ويوسف وشمسان والعيدروس وابن علوان.
والرافضة هم الأصل في هذا الشرك، فحدوث الشرك في هذه الأمة أصله من الرافضة، فهم الذين أسسوا وبنوا الأضرحة على قبور من يعظمونهم، وهذا كله بسبب الجهل بمعنى الإله.
وقد كان المشركون الكفار الجهَّال يعرفون معنى الإله؛ فإنهم لما قال لهم ﷺ:«قولوا: لا إله إلا الله» كبر عليهم ذلك، ونفروا، وقالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَاب (٥) وَانطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ﴾ [ص]، فكان الكفار المشركون الأولون يعلمون معنى لا إله إلا الله، ويعلمون مقصود النبي ﷺ منها؛ فلذلك أبوا أن يقولوها، حتى إن أبا طالب وهو في سياق الموت يقول له النبي ﷺ وقد كان أبو طالب ينصره ويحتفي به ويحبه -: «قل: لا إله إلا الله» فيأبى ويقول: «هو على ملة عبد المطلب»(١)؛ لأنه يعلم أنه إذا قال «لا إله إلا الله»، فإن معناها أن ملة عبد المطلب باطلة، ومعناها الكفر بما يعبد من دون الله.
(١) رواه البخاري (١٣٦٠)، ومسلم (٢٤) من حديث المسيب بن حزن ﵄.