للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (وأن لا يكون دليلها متنًا ولا لحكم الفرع بعمومه أو بخصوصه مثل: "لا تبيعوا الطعام بالطعام"، أو "من قاء أو رعف" لنا تطويل بلا فائدة ورجوع، قالوا: مناقشة جدلية).

أقول: ومن شروط العلة أن لا يكون الدليل الدال عليها متنًا ولا لحكم الفرع لا بعمومه ولا بخصوصه.

أما العموم فمثل أن يقيس الذرة على البر فى الربوية ويعلل بالطعم فيمنع، فيقول فقوله عليه السلام: "لا تبيعوا الطعام بالطعام" وترتيب الحكم على الوصف يفيد عليته له وهذا النص يتناول الذرة بعمومه.

وأما الخصوص فمثل أن يقيس الخارج بالقئ أو الرعاف فى نقضه الوضوء على الخارج من السبيلين ويعلل بأنه خارج نجس فيمنع، فيقول لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قاء، أو رعف، أو أمذى فليتوضأ وضوءه للصلاة"، وهذا النص بخصوصه يتناول القئ والرعاف.

لنا: أنه يمكن إثبات الفرع بالنص كما يمكن إثبات الأصل به والعدول عنه إلى إثبات الأصل ثم العلة ثم بيان وجودها فى الفرع ثم بيان ثبوت الحكم بها تطويل بلا فائدة، وأيضًا فإنه رجوع من القياس إلى النص.

وقالوا: إنها مناقشة جدلية إذ الغرض الظن بأي طريق حصل فلا معنى لتعيين الطريق.

والجواب: أنه رجوع عن القياس، واعلم أنه ربما يكون النص مخصصًا والمستدل أو المعترض لا يراه حجة إلا فى أقل الجمع فلو أراد إدراج الفرع فيه يعتبر فيثبت به العلية فى الجملة، ثم يعمم به الحكم فى جميع موارد وجود العلة، وأيضًا فقد يكون دلالته على العلية أظهر من دلالته على العموم كما يقول: حرمت الربا فى الطعام للطعم، فإن العلية فى غاية الوضوح والعموم فى المفرد المعرف محل خلاف ظاهر.

قوله: (لا بعمومه ولا بخصوصه) الغرض من هذا التفصيل أنه ربما يتوهم جوازه فيما إذا كان التناول بعمومه بناء على احتمال تخصيصه منه.

قوله: (فيمنع) أى المعترض عليه الطعام فيقول القائس إنه علية رتب الحكم عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>