أقول: إن للقياس شروطًا كل عدة منها يتعلق بركن من أركانه فمن شروط حكم الأصل أن يكون حكمًا شرعيًا، فلو كان حسيًا أو عقليًا لم يجز لأن المطلوب إثبات حكم شرعى للمساواة فى علته ولا يتصور إلا بذلك، فلو قال شراب مشتد فيوجب الحد كما يوجب الإسكار أو كما يسمى خمرًا كان باطلًا من القول خارجًا عن الانتظام، وهذا مبنى على أن القياس لا يجرى فى اللغة وقد مر ولا فى العقليات من الصفات والأفعال وهو الصحيح عنده وفائدته تظهر فيما إذا قاس النفى فإذا لم يكن المقتضى ثابتًا فى الأصل كان نفيًا أصليًا، والنفى الأصلى لا يقاس عليه النفى الطارئ وهو حكم شرعى ولا الأصلى لثبوته بدون القياس وبلا جامع، وقد يذكر فى كثير من المسائل، ولذلك يقول الناظر لا بد من بيان المقتضى فى الأصل وما ذلك إلا ليكون النفى حكمًا شرعيًا.
قوله:(فلو كان حسيًا أو عقليًا) الأنسب بما ذكر من البيان والمثال أن يقول فلو كان لغويًا أو عقليًا وهو الموافق لكلام الآمدى والشارحين.
قوله:(وهذا مبنى) أى انحصار المطلوب من القياس فى إثبات حكم شرعى حتى يلزم كون الأصل حكمًا شرعيًا مبنى على أن القياس لا يجرى فى القضايا اللغوية والعقلية وإلا فالمطلوب لا يلزم أن يكون إثبات حكم شرعى بل لغوى أو عقلى فلا يشترط كون حكم الأصل حكمًا شرعيًا وفى هذا دفع لما يتوهم من أن قياس إيجاب الحد على إيجاب السكر أو التسمية بالخمر إنما كان باطلًا خارجًا عن الانتظام من جهة أن الفرع قد أخذ حكمًا شرعيًا حتى لو أخذ عقليًا أو لغويًا كالأصل لصح وانتظم.
قوله:(من الصفات) كما يقاس الغائب على الشاهد فى كونه عالمًا بعلم من صفة قائمة والأفعال كما يقاس الشاهد على الغائب فى كون فعله باختياره.
قوله:(وهو الصحيح عنده) أى عند المصنِّف خلافًا لبعض أئمة اللغة حيث يجرونه فى اللغات وأكثر المتكلمين حيث يجرونه فى العقليات.
الشارح:(فلو قال شراب مشتد فيوجب الحد كما يوجب الإسكار) أى أن النبيذ