للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (مسألة: المختار أن القياس المظنون لا يكون ناسخًا ولا منسوخًا، أما الأول فلأن ما قبله إن كان قطعيًا لم ينسخ بالمظنون، وإن كان ظنيًا تبين زوال شرط العمل به وهو رجحانه لأنه ثبت مقيدًا كان المصيب واحدًا أو لا، وأما الثانى فلأن ما بعده قطعيًا أو ظنيًا تبين زوال شرط العمل به وأما المقطوع فينسخ بالمقطوع فى حياته، وأما بعده فتبين أنه كان منسوخًا، قالوا: صح التخصيص فيصح، قلنا منقوض بالإجماع، والعقل وخبر الواحد).

أقول: قد اختلف فى القياس هل يكون ناسخًا أو منسوخًا، وتفصيله أن القياس إما مظنون أو مقطوع:

القسم الأول: وهو المظنون لا يكون ناسخًا ولا منسوخًا أما إنه لا يكون ناسخًا فلأن ما قبله إما قطعى أو ظنى فإن كان قطعيًا لم يجز نسخه به لأن نسخ المقطوع بالمظنون غير جائز، وإن كان ظنيًا تبين زوال شرط العمل به وهو رجحانه وذلك لأنه ثبت مقيدًا بعدم ظهور معارض راجح أو مساوٍ فلا يجب العمل به عند ظهور معارض راجح سواء قلنا: كل مجتهد مصيب أو قلنا: المصيب واحد وحينئذٍ كان الواجب العمل به ما لم يظهر راجح وقد عمل به فلم يرفع ولا حكم له فى الزمان الذى ظهر فيه الراجح فيرفع فلا رفع على التقديرين لحكمه فلا نسخ، وأما إنه لا يكون منسوخًا، فلأن ما بعده لا بد أن يكون قطعيًا أو ظنيًا راجحًا وأيًا كان فقد بان زوال شرط العمل به لأنه ثبت مقيدًا والتقرير ما مر.

القسم الثانى: وهو المقطوع، ينسخ بالمقطوع فى حياته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو إذا نسخ حكم بالأصل بنص فيقاس عليه، وأما بعده فلا ينسخ إذ لا ولاية للنسخ للأمة، نعم قد يظهر أنه كان منسوخًا بأن يظهر نسخ حكم أصله، قالوا: يجوز النسخ بالقياس قياسًا على التخصيص به، والجامع كونهما تخصيصين وكون أحدهما فى الأعيان، والآخر فى الأزمان لا يصلح فارقًا إذ لا أثر له. الجواب: أنه منقوض بالإجماع وبالعقل وبخبر الواحد فإن ثلاثتها تخصص بها ولا ينسخ.

قوله: (القياس إما مظنون أو مقطوع) قيل المقطوع ما يكون علته منصوصة والمظنون مستنبطة وقيل المقطوع ما يكون حكم الأصل والعلة ووجودها فى الفرع قطعيًا والمظنون بخلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>