للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (الطاردون فى التضمن لا يتم المطلوب بالنهى إلا بأحد أضداده كالأمر وأجيب بالإلزام القطيع وبأن لا مباح).

أقول: الطاردون فى التضمن أى الذين قالوا بأن النهى يتضمن الأمر بالضد لا أنه نفسه قالوا: لا يتم المطلوب من النهى إلا بأحد أضداده كما لا يتم المطلوب من الأمر إلا بترك جميع أضداده فيجب وتقريره قد مر.

الجواب: أما أولًا: فبالإلزام القطيع وهو لزوم وجوب الزنا لأنه ترك اللواط وبالعكس، وأما ثانيًا: فبالإلزام بأن لا مباح حينئذٍ كما مر.

قوله: (إلا بأحد أضداده) يشير إلى أنه يكفى فى انتفاء الشئ ثبوت ضد واحد له بخلاف ثبوت الشئ فإنه يفتقر إلى انتفاء جميع أضداده.

قوله: (وتقريره قد مر) فى بيان أن الأمر بشئ يتضمن النهى عن ضده وهو أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فالنهى عن الشئ أيضًا يستلزم الأمر بأحد أضداده، كما أن الأمر بالشئ يستلزم النهى عن جميع أضداده، ولما كان الجواب بمنع أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما صرح به فى المنتهى ظاهرًا تركه إلى الإلزام القطيع ونفى المباح تنبيهًا على أنه يرد على القول بتضمن النهى عن الشئ الأمر بالضد البتة ولا يرد على القول بكون النهى عن الشئ أمرًا بضده إلا إذا تمسك بأن ترك الشئ فعل لأحد أضداده واعتراض الشارح العلامة بأن هذا إنما يلزم لو كان النهى عن الشئ مستلزمًا للأمر بجميع أضداده وأما بأحد أضداده على ما صرح به المستدل فلا ظاهر الورود ويمكن الجواب بأن المراد بالواجب أعم من المعين والمخير فيلزم أن يكون كل من الزنا واللواطة واجبًا مخيرًا مثابًا عليه إذا ترك أحدهما إلى الآخر على قصد الامتثال والإتيان بالواجب، ويلزم أن يكون كل مباح متعلقًا للوجوب المخير وهو المعنى بنفى المباح وأما اعتراضه بأنه لا جهة للتخصيص بل يرد الإلزام القطيع بحرمة الواجبات ونفى المباح على القول يكون الأمر بالشئ متضمنًا للنهى عن الضد فليس بوارد لأن الأمر بالشئ إنما يستلزم ترك أضداده عند الإتيان به لا فى جميع الأوقات، فالأمر بالصلاة مستلزم منع الواجبات والمباحات المضادة له لا مطلقًا بل فى حال أداء الصلاة وهذا لا يستلزم تحريمها ليلزم حرمة الحج مثلًا ونفى المباح بخلاف النهى فإنه يستغرق الأوقات لهذا جعل الإلزام

<<  <  ج: ص:  >  >>