استنباط المقلد غير العامى اجتهادًا أما دخوله فى حد الفقه وجعله فقيهًا وهذا يفضى إلى منع الإجماع على أن الفقيه منحصر فى المجتهد فى الكل وجزئه وأما مجرد كون استنباطه اجتهادًا وكونه مجتهدًا وهذا مع كونه موجبًا لكون بعض المجتهدين ليس فقيهًا وهو خلاف عرفهم يوجب أيضًا فساد ما ذكر فى الجواب لإخراج علمه عن حد الفقه وهو قوله: وهو أن المراد بالعلم اليقين وبالأدلة الأمارات ولا يعلم شيئًا من الأمارات علمًا يقينًا إلا المجتهد الذى من صفته اللازمة له أن يجزم بوجوب العمل بمقتضى ظنه دون المقلد فالمقلد لا يجزم بوجوب العمل بمقتضى ظنه فلا يكون مجتهدًا فى شئ عن الأحكام فلا يصح القول بأنه مجتهد فى بعض الأحكام كيف ونسبة البعض إليه كنسبة الكل فى الجزم بوجوب العمل إلا أن يقال: إن تلك الصفة اللازمة إنما هى للمجتهد الكامل وهو المجتهد فى الأحكام.
قوله:(حمل العلم على ما سيأتي وهو صفة توجب تمييزًا. . . إلخ) وهو صادق على التصور والتصديق وقرنه بالاستدلال يخصصه بالتصديق اليقينى وفيه أن الاستدلال بالأمارات لا يخصصه باليقينى والدليل على ذلك الحمل قوله ولا يعلم شيئًا من الأحكام إلى أن قال بخلاف المقلد فإنما يظن ظنًا ولا يفضى به إلى العلم.
قوله:(والأدلة المذكورة على الأمارات) أى وحمل الأدلة المذكورة على الأمارات فهو عطف على العلم.
قوله:(لانعقاد الإجماع على أنه يجب العمل عليه بمقتضى ظنه) أى: وهذا الإجماع يوجب العلم بوجوب العمل بمقتضى ظنه والعلم بالأحكام أنفسها؛ وإن هذا الإجماع إنما يتأتى إذا كان الشارع جعل ظن المجتهد مناط الحكم وعلة لثبوته، وإذا علم أن الشارع جعل ظنه مناط الحكم فمتى تحقق ظنه وعليه بالوجدان فقد علم الحكم وعلم وجوب العمل بمقتضى ظنه فالعلم بوجوب العمل والعلم بالأحكام كلاهما ناشئ عن الإجماع المذكور أو العلم بوجوب العمل يوصل إلى العلم بالأحكام على ما سيأتى بيانه من المحشى.
قوله:(بل انعقد على خلافه) أتى بهذا الإضراب ليشير إلى أن قول الشارح إجماعًا الواقعة فى سياق المقلد راجع إلى عدم الوجوب لا للوجوب المدخول للعدم لأنه المناسب للمقام.