للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فابنُ جَزء قيل في وفاته: سنة ٨٥، ٨٦، ٨٧، ٨٨، وأرجحها الثاني؛ لأنه قول ابن يونس مؤرخ مصر، وهي مع ذلك مجتمعة على أنه لم يعش بعد سنة ٨٨.

فلما جاءت تلك الرواية أنه لُقِيَ بمكة سنة ٩٦ أو ٩٨، استنكرها أهل العلم، ووجدوا أحقَّ مَنْ يُحمل عليه: ابنُ الصلت.

فأما قول الغزنوي المتأخر: إن ابن جزء توفي سنة ٩٩، فهو من نمط ما في "المناقب" للموفق (١/ ٢٦)، روى من طريق الجعابي القصةَ، وفيها أن اللقاء كان سنة ٩٦، ثم حكى عن الجعابي أن ابن جزء مات سنة ٩٧.

فهذان القولان مع تأخر قائليهما، إنما حاولا بهما تمشيةَ القصة، رأيا أن فيها أن اللقاء كان بالموسم، وأن المعروف في وفاة ابن جزء أنها بمصر بقرية يقال لها سفط القدور، كما جاء عن الطحاوي، وأن من شهد الموسم لا يمكن أن يصل إلى مصر إلا في السنة التالية، فبنيا على ذلك، ولم تمكنهما الزيادة على ذلك؛ لئلا تفحش المخالفة لما نُقل عن المؤرخن جدًّا.

الوجه الثاني:

ابنُ جزء أقرب إلى عصر تدوين الوفيات من أُبي بن كعب؛ ففي "فهرست ابن النديم" (ص ٢٨١) أن لليث بن سعد تاريخًا، وتواريخ المحدثين مدارها على بيان الوفيات، والليث ولد سنة ٩٤، ومات سنة ١٧٥، ومن أشهر شيوخه يزيد بن أبي حبيب المتوفى سنة ١٢٨، وهو أشهر الرواة عن ابن جزء.

وفي "تدريب الراوي" في شرح النوع الستين: "وقال سفيان الثوري: لما استعمل الرواة الكذب، استعملنا لهم التاريخ".

والثوري ولد سنة ٩٧، ومات سنة ١٦١، فيظهر أن البحث والسؤال عن الوفيات قد شُرع فيه في حياة الرواة عن ابن جزء، وهكذا غيره ممن تأخرت وفاته، فلم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>