وقصة سليمان بن داود التي يشير إليها البخاري وعبد الرزاق مضت (٧٧١٥) من رواية عبد الرزاق نفسه عن معمر بهذا الإسناد وفيها: (لأطوفن الليلة بمائة امرأة).
وقد أخطأ عبد الرزاق وأخطأ البخاري تبعاً له في تعليل هذا الحديث والزعم بأنه اختصار من قصة سليمان، لأن الحديثين مختلفا المعنى تماماً وإن تشابهت بعض الألفاظ فيهما.
لأن قول سليمان:(لأطوفن فيه) معنى القسم ولكنه ينقسم على شيئين: أن يطوف بهن، وقد فعل، والآخر: أن تلد كل منهن غلاماً، وهذا ليس من فعله بل من قدر الله ومشيئته، فالاستثناء بقول:(إن شاء الله) إذا قاله يحله من قسمه إذا لم يطف بهن …
فالحديثان في معنيين وإن تقاربا في بعض المعنى، ولفظ الحديث الذي هنا لا يمكن أن يكون اختصاراً من الحديث الآخر في قصة سليمان، بل لو صنع ذلك معمر أو عبد الرزاق لكان صنعه تزيداً في الرواية وجرأة على نسبة حديث لرسول الله ﷺ لم يقله وكلاهما أجل عند أهل العلم من أن يفعلا ذلك …
ثم إن معنى الحديث ثابت عن ابن عمر أيضاً مضى في المسند مراراً بألفاظ متقاربة (٤٥١٠): «مَنْ حلف فاستثنى فهو بالخيار، إن شاء أن يمضي على يمينه وإن شاء أن يرجع غير حنث»، و ٤٥٨١:«مَنْ حلف على يمين فقال: إن شاء الله فقد استثنى».
قال:(وقد حقق الحافظ في الفتح هذا الموضع على شيء من التردد وإن كان في مجموع كلامه يميل إلى إبطال هذا التعليل وإلى صحة الحديثين جميعاً). اه.