للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قيل له: إنّما قال مالك: «إنه لا يبرُّ بفعل ما حلف عليه حتى يفعله كلَّه، ويحنث بفعل بعض ما حلف عليه»؛ لأنَّ البرَّ يشبه التحليل، والحنث يشبه التحريم، وفي الأصول أنَّ التحريم يقع بما لا يقع التحليل به، أعني: أنَّ التحريم مغلظٌ يقع بيسيره، وليس كذلك التحليل.

ألا ترى: أنَّ المرأة تحرم على أبي الإنسان وابنه بالعقد عليها إذا كان صحيحاً؛ لأنّه تحريم، ولا تَحِل المطلقة ثلاثاً لزوجها الأول حتى يتزوَّجها الثاني ويدخل بها؛ لأنَّ هذا تحليل، فاقتضى له من الكمال ما لم يقتضِ للتحريم.

وكذلك المطلق زوجته بعض تطليقةٍ، يلزمه كلها.

وكذلك لو طلَّق بعض زوجته لزمه طلاق كلِّها؛ لأنَّ ذلك كله تحريمٌ، ولو تزوَّج بعضها، لم يكن تحليلاً.

وكذلك إذا اختلط التحريم والتحليل غُلِّبَ التحريم، وذلك كاختلاط لحم الميتة بالمذكَّى، وكاختلاط المرأة المحَرَّمَةِ على الإنسان بعددٍ معلومٍ من النساء، أنّه لا يجوز أن يأكل اللحم المختلط به الميتة، ولا يعقد على الجماعة من النّساء اللاتي فيهن محرمٌ منه.

وكذلك لو طلّق واحدةً من نسائه الأربع، ثمّ نسيها، لم يجز له أن يطأ واحدةً منهنَّ.

فلمّا كان المنع والتحريم مغلَّباً في الأصول يقع كله بوقوع بعضه، كان

<<  <  ج: ص:  >  >>