للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[٨٩٤] مَسْأَلَةٌ: قَالَ: والْكَذِبُ فِي اليَمِينِ: أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى أَمْرٍ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ وَقَدْ فَعَلَهُ، عَامِدَاً لِلْيَمِينِ.

وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِيهِ كَفّارَةُ يَمِينٍ، وَيَتُوبُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَيَسْتَغْفِرهُ، وَيَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ خَيْرٍ (١).

• إنّما قال: «إنّه لا كفّارة في يمين الكذب»؛ لأنّها لم تنعقد، بل وقعت محلولةً، والكفارة إنّما تجب في عقد اليمين الذي يمكن حلُّه في الاستئناف، مثل أن يقول: «والله لأفعلنَّ كذا»، أو «والله لا فعلت كذا»، فهذا عقدٌ يمكن حلُّه، وهو الذي أوجب الله تعالى فيه الكفّارة إذا حلَّه، بدلالة قوله ﷿: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ﴾ [المائدة:٨٩] الآية، معناه: إذا حنثتم؛ لأنَّ الكفّارة لا تجب بعقد اليمين بإجماع العلماء دون حلِّها بالحنث، وإذا كان كذلك، ثبت أنّ اليمين تُعْقَد، ثمّ تُحَلُّ في ثانٍ.

فأمّا اليمين الكاذبة واللغو فهي محلولةٌ لم تنعقد على شيءٍ، فلم تجب فيهما الكفّارة التي تجب في حل العقد، وبهذا ورد الخبر عن رسول الله .

فرَوَى يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة، أنَّ النبيَّ قال: «وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرَاً مِنْهَا، فَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ» (٢)، فأوجب النبيُّ الكفّارة عليه؛ لحلِّه عقد اليمين ومخالفته إلى غيره.


(١) المختصر الكبير، ص (٢١٩)، الموطأ [٣/ ٦٨٠]، المدونة [١/ ٥٧٧]، التفريع [١/ ٣٨٢].
(٢) تقدَّم ذكره في المسألة رقم ٨٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>